في عالم الفن، حيث تبدو الصورة النهائية على الشاشة وكأنها تأتي بسهولة، لا يراها الجمهور إلا كمنتج مكتمل، هناك قصص مجهولة وراء كل شخصية، وراء كل لحظة تمثيل.
الممثلة المصرية هنا الزاهد شاركتنا مؤخرًا واحدة من هذه القصص، لتكشف عن جانب من احتراف الممثلة الذي لا يراه كثيرون. حين تحدثت هنا الزاهد عن شخصية “سلمى” في مسلسل إقامة جبرية، قالت بصراحة وجرأة: “رحت لدكتور نفسي علشان أفهم الشخصية كويس وأعيشها صح”.
ففي المسلسل، تجسد هنا الزاهد شخصية سلمى، صيدلانية تعاني من اضطرابات نفسية عميقة بعد وفاة زوجها. الشخصية مركبة، قاتلة ، ويظهر عليها تأثير ماضيها المؤلم. خلال الأحداث، ترتكب عدة جرائم، بما في ذلك جريمة قتل زوجها، هذا الدور تطلب من الزاهد غوصًا عميقًا في النفس البشرية وفهم التحولات النفسية المعقدة للشخصية.
خطوة ذهابها لطبيب نفسي لفهم الدور قد تبدو بسيطة للبعض، لكنها في عالمنا، حيث يختلط الطابع الشخصي بالمهني، تستحق التقدير.
الزاهد لجأت إلى المعالج النفسي لأنها أرادت أن تمنح الشخصية حقها، أن تفهم أعماقها، أن تعيش كل شعور وكل حالة بطريقة حقيقية. الصوت المنخفض، الحركة البطيئة، الانفعالات الدقيقة. كل هذه التفاصيل كانت تحتاج إلى فهم نفسي عميق، وفهم الشخصية من الداخل.
ما صرحت به الزاهد ليس مجرد اعتراف عن تجربة شخصية، بل رسالة أوسع عن أهمية الصحة النفسية والوعي الذاتي. في كثير من الأحيان، يظن البعض أن العلاج النفسي مخصص للمرضى، بينما الحقيقة أن زيارة معالج نفسي يمكن أن تكون جزءًا من نمو الإنسان، جزءًا من الإبداع، جزءًا من مواجهة تحديات الحياة أو العمل.
إن ما قامت به الزاهد هو مثال حي على أن القوة تكمن في معرفة النفس، وفي مواجهة التعقيدات، في طلب المساعدة حين تحتاجها. ليس فقط كفنانة، بل كإنسانة.
الشخصية التي قدمتها لم تكن مجرد دور على الشاشة، بل رحلة داخلية واجهتها بوعي وصدق، وطلبت خلالها الدعم لتخرج أفضل ما لديها.
هذه الخطوة تذكّرنا جميعًا بأن العقل والجسد متصلان، وأن الأداء، الإبداع، وحتى السعادة، لا يمكن أن تتحقق من دون توازن نفسي. أن تعترف بالحاجة إلى مساعدة، أن تطلبها، أن تسعى لفهم نفسك أو دورك أو حتى ضغوطك، ليس علامة ضعف، بل أعلى درجات القوة والنضج.
