محمد فوعاني: هكذا تعامل معنا سلوم حداد في كواليس “حريم الجراح”

الممثل والمخرج اللبناني محمد فوعاني، حائز على شهادة ماجستير في إعداد الممثل، شارك في مجموعة من الأعمال الدرامية المميزة، منها “ظل”، “فتح الأندلس”، “سكت الورق”، “قارئة الفنجان”، “إنتي مين” و “DNA”.
برز محمد فوعاني بشغفه بالمسرح، وقدرته على الجمع بين التمثيل، الكتابة والإخراج، فأسس مشروع “كواليس” لاحتضان المواهب الشابة، ومنحها فرصة الوقوف على الخشبة في مسرحية “عصفور طل من الشباك” من تأليفه وإخراجه وتمثيله، وذلك بعد مسرحية “فرج تحت الدرج”.
وفي هذا اللقاء مع موقع الفن، يتحدث محمد فوعاني عن مسرحية “عصفور طل من الشباك”، ورؤيته للمسرح والدراما، وغيرهما من المواضيع.

أخبرنا عن دورك مع الممثل السوري سلوم حداد في مسلسل “حريم الجراح” وعن قصة المسلسل.

هذه الخطوة مهمة جدًا، لأنها أول عمل أشارك فيه بدور بطولة حقيقي، المسلسل يتكوّن من 11 حلقة، وأجسد فيه دور ابن النجم القدير سلوم حداد.
المميز أيضًا هو أن العمل يجمع نخبة من الممثلين الرائعين، منهم ستيفاني عطالله، رودني الحداد، مروة الأطرش وندى أبو فرحات، ما جعل الكاست على قدر عالٍ من الاحتراف، وكان من المهم جدًا بالنسبة لي أن أكون جزءًا من هذا الفريق.
التمثيل أمام الأستاذ سلوم حداد هو تجربة مختلفة تمامًا؛ فهو مدرسة بحد ذاته، وتتعلم منه في كل مشهد، وكما رأيت في الفيديو، كواليس العمل كانت جميلة جدًا، والأجواء كانت ممتعة ولطيفة.
تعامل الأستاذ سلوم حداد معنا كان كما لو كنا أولاده، وقدّم لنا النصائح ووجهنا لكيفية أداء المشاهد.
أنصح الجميع بمشاهدة هذا المسلسل، وأنا عادة أكون ناقدًا صارمًا للأعمال التي أشارك فيها، لكن هذا العمل أحببته كثيرًا.
أما عن قصة المسلسل، فيتعرض سلوم حداد في البداية لجريمة قتل غامضة، وخلال مجريات التحقيق، يُكشف أنه كان متزوجًا من عدة نساء في السر. ومع تصاعد الأحداث، يسعى المحقق، الذي يجسد دوره رودني الحداد، للوصول إلى الحقيقة، بتوجيه أصابع الاتهام إلى كل من كان مقرّبًا من الضحية، لتتشابك الخيوط ويزداد التشويق.

ما رأيك بكلام سلوم حداد عن طريقة إتقان بعض الممثلين المصريين اللغة العربية الفصحى؟

إنه مسألة نسبية وغير قابل للتعميم. كثيرًا ما أشاهد الإنتاج المصري، ولم يخلق أحد مثل الممثل محمود ياسين، خصوصًا في فصاحة لغته وقدرته على دفع صوته، مثلما ظهر في فيلم الرسالة، فهو من أجمل الأصوات على الإطلاق.
كما هو الحال في الدراما السورية، هناك شخصيات عديدة تتقن الفصحى، وكذلك في مصر، هناك ممثلون بارعون بالفصحى، لكن ربما قلّت الأعمال الدرامية التي تعتمد على الفصحى في مصر مقارنة بسوريا، ولذلك ربما قال سلوم حداد إنه “لا يوجد” ممثلون بالفصحى، لكن الواقع مختلف.
على سبيل المثال، في مسلسل “عمر”، الذي كان معظم أبطاله ممثلين سوريين، نرى أن أغلب الأعمال التي تُقدّم بالفصحى حالياً هي إنتاج خليجي أو سوري، بينما الإنتاج المصري قليل في هذا الجانب، ومسلسل الحشاشين لم يكن كله بالفصحى، بل كان بالعامية أحيانًا.
لذلك، يمكن فهم موقف سلوم حداد من هذا الجانب، لكن من ناحية أخرى، هناك العديد من الممثلين العريقين في مصر الذين يجيدون الفصحى بشكل رائع، تمامًا كما يوجد ممثلون عظيمون بالفصحى في سوريا.

لفتتنا صورة نشرتها مؤخراً بدور جديد تتحضّر له، ظهرت فيها بلوك مختلف، حدّثنا أكثر عن هذا الدور وعن اللوك الجديد.

الصورة تعود لشخصية جديدة أجسدها ضمن عمل جديد إسمه ” ورا الكنز “، يُعتبر الأول من نوعه في العالم العربي تحت مسمّى “مايكرو دراما”، وهو سلسلة حلقات قصيرة، لا تتجاوز مدة الحلقة الواحدة الدقيقتين، وينتمي العمل إلى نوع الرعب والخيال العلمي.
أما عن الشخصية التي أجسدها فيه، فهي شخصية قرصان، لكن ليس على السفن بل في البيوت، حيث يفتش عن الكنوز. هي شخصية مختلفة تحمل طابع المغامرة والإثارة.

عندما قرأت النص أعجبني، لكني قلت للمخرج إن مشروعاً كهذا إذا لم يُنفَّذ بإتقان عالٍ فسوف يبدو عملاً طفولياً. هذا النوع يحتاج إلى إنتاج قوي ليخرج بصورة محترفة، خصوصاً أن الرعب في العالم العربي لم يصل بعد إلى المستوى الذي بلغته هوليوود. وغالباً ما يُقدَّم بطريقة تقليدية تجعل المشاهد يسخر بدلًا من أن يخاف.
أرى أن نجاح العمل يتوقف على مرحلة ما بعد الإنتاج (Post-Production)، فهي التي ستُبرز قوة المشروع، وتجعله يظهر بدرجة عالية من الاحتراف.

هل يمكن أن تتحول المايكرو دراما إلى عنصر أساسي بالدراما اللبنانية والدراما العربية؟

أعتقد أننا نتجه جميعاً نحو هذا النوع. كانت المسلسلات في السابق مؤلفة من 30 حلقة، ثم أصبحت مؤلفة من 10 حلقات أو 15 حلقة، واليوم الجمهور لم يعد لديه صبر لمتابعة الأعمال الطويلة. آمل أن نقدّم من خلال هذا المشروع عملاً قوياً يليق بالمشاهد العربي، وأن نكون أوّل من يقدّم “مايكرو دراما” باحتراف حقيقي بعيداً عن الضعف أو التكرار.

كيف تصف عملك في تأليف وإخراج مسرحية “عصفور طل من الشباك”، خصوصاً وأنها شكّلت أول وقوف لطلاب “كواليس” على خشبة المسرح؟

أعتبر هذا العمل طفلي الأول في “كواليس”، كان حلمي منذ البداية أن أقدّم في لبنان تجربة شبيهة بـ”مسرح مصر”، لكن ليست محصورة بالكوميديا فقط، بل بعمل يجمع بين الدراما والكوميديا.
هدفي الأساسي هو أن أكون وسيلة لتحقيق أحلام الشباب، لذلك أحرص دائماً على أن تُتوَّج ورش “كواليس” بعرض مسرحي حقيقي، لأن الطالب لا يكتسب الخبرة إلا عندما يقف أمام الجمهور.
في هذا العرض تحديداً، ارتبطت المشاهد بالواقع والمعاناة التي نعيشها جميعاً، وقد بدأنا بخمسة مونولوجات مستندة إلى قصص حقيقية، لننقل تأثير الحرب على كل فرد، بشكل مباشر أو غير مباشر، ونُظهر انعكاساتها على المجتمع بأكمله.

كيف حضّرت طلاب “كواليس” لهذا العمل؟

لقد عملتُ كثيراً على العامل النفسي عند الطلاب، وحرصت على أن أمنحهم الثقة بأنفسهم، كنت دائماً أتعامل معهم بطريقة محترفة وصارمة بعض الشيء، لأزرع في عقولهم عقلية “الممثل المحترف”. كنت أؤكد عليهم أن الالتزام أساسي: ممنوع التأخير عن البروفات، ممنوع الإستهتار أو التعامل كهواة، ورغم ذلك، كنت في الوقت نفسه أزرع فيهم الثقة وأدعمهم بإستمرار، لكي يقتنعوا بأنهم بالفعل محترفون. هذا النهج هو الذي جعلهم يقفون على خشبة المسرح بثقة عالية، وينجحون في أن يوصلوا طاقاتهم ومشاعرهم إلى الجمهور.

هل ستفتح هذه المسرحية لطلاب “كواليس” أبواباً جديدة في مجال التمثيل؟

الحمد لله، كان عرض مسرحية “عصفور طل من الشباك” محطة مهمة. خلال العروض السبعة حضر عدد من المخرجين والممثلين، وتم اختيار أربعة طلاب للمشاركة في فيلم سينمائي من إخراج صديق لي. كما برزت الطالبة هيلينا كمال، أصغر المشاركات سنًا وصاحبة أول مونولوج في المسرحية، إذ سافرت لاحقاً إلى تركيا ومثّلت هناك في مسلسل عالمي، وجسدت الشخصية التي جسدتها الممثلة باميلا الكيك ولكن بعمر الطفولة.

هذه النجاحات تعكس هدفي الأساسي الذي هو فتح الأبواب أمام طلاب “كواليس”، فبعد المسرحيات، بدأنا نتلقى طلبات من مخرجين ومنتجين يبحثون عن ممثلين بأعمار مختلفة، رغم أنني لست مدير كاستينغ. أذكر أن الدكتور جمال فياض حين حضر أحد العروض أثنى كثيراً على العمل، ودعا المنتجين والمخرجين لمتابعة هذه المواهب، وهنا بالتحديد شعرت أن “كواليس” حققت الهدف الذي وضعته منذ البداية. المشاريع القادمة سوف تمنح طلاب كواليس فرصاً أكبر، وتكرّس حضورهم كجيل جديد واعد في المسرح والدراما.

أين تفضّل أن ترى نفسك في المرحلة المقبلة: على خشبة المسرح، في السينما، أم في الدراما الرقمية القصيرة؟

إنه عالم واسع ومترابط: الكتابة، الإخراج، التدريب، الطلاب، التمثيل… كلها عناصر تكمل بعضها البعض ضمن منظومة واحدة. كلما عمل الفنان على هذه الأسس بشكل متكامل، ازدادت خبرته ونضجت أدواته.

أنا أؤمن بأن المخرج، سواء في السينما أو المسرح أو الدراما، يجب أن يمتلك إلماماً بالتمثيل، لأن هذا الوعي يمكّنه من التعامل مع الممثلين بالشكل الصحيح. ولو لم أكن ممثلاً في الأساس، لما استطعت تدريب الممثلين بالطريقة التي جعلتهم يبدعون على الخشبة.

أرى نفسي في كل مكان: في المسرح بنسبة مئة بالمئة، في السينما بنسبة مئة بالمئة، وفي الدراما أيضاً. بعد تجربتي في كتابة وإخراج “عصفور طل من الشباك”، وتجربتي السابقة في مسرحية “فرج تحت الدرج” التي كتبتها وأخرجتها بمشاركة علي اتحاد وحسين حيدر وآخرين، فتحت أمامي أبواب جديدة، وأنا اليوم أعمل على كتابة مسلسل جديد سيكون خطوتي المقبلة. ربما لم يكتشف الناس بعد صورتي ككاتب كما يجب، رغم أن لدي مخزوناً كبيراً من النصوص والأفكار.