نشرت في
•آخر تحديث
كشف تقرير نشرته “نيويورك تايمز” أن مستودعًا ضخمًا أعيد تحويله إلى مركز عمليات جنوب إسرائيل، أصبح نقطة تجمع يومية لمئات الجنود الأميركيين والإسرائيليين، وضباط الاستخبارات العرب، والدبلوماسيين من أوروبا وآسيا، بالإضافة إلى موظفي المنظمات الإنسانية، جميعهم يعملون داخل ما يُعرف بـ”مركز التنسيق المدني العسكري” الذي تقوده الولايات المتحدة، المكلف بمراقبة الهدنة في غزة، ووضع تصورات أولية لمستقبل القطاع بعد الحرب المدمرة.
ورغم هذا الحشد الدولي، لا وجود لأي تمثيل رسمي فلسطيني داخل المركز، ما يعني “صياغة مستقبل غزة بغياب أهلها”.
مركز بمقاييس شركة ناشئة
وصف أحد الدبلوماسيين المكان بأنه يشبه “مقر غوغل منخفض الميزانية”، بنظام عمل مفتوح واجتماعات صباحية يومية.
وأُنشئ المركز بشكل عاجل في 17 أكتوبر/تشرين الثاني الماضي على يد نحو 200 جندي من القيادة المركزية الأميركية، قبل أن يتحول إلى مسرح اجتماعات متلاحقة تتسم بفوضى تشبه شركات ناشئة تتلمّس طريقها وسط ملفات معقدة.
وحسب التقرير، فقد توزعت مهام الطوابق الثلاثة للمبنى وفقًا للجنسيات: الأميركيون يحتلون الطابق العلوي، والإسرائيليون الأرضي، فيما يشارك ممثلو المنظمات والدول الأخرى الطابق الأوسط. وتُعرض على شاشات عملاقة صور جوية دقيقة للقطاع، بينما تُعقد اجتماعات متخصصة حول المساعدات الإنسانية، والحوكمة المدنية، وإعادة الإعمار.
ويترأس مجموعة رسم الإطار الاستراتيجي للمركز أرييه لايتستون، أحد أبرز مستشاري إدارة ترامب، بالتزامن مع إشراف مباشر من مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى، بينهم نائب الرئيس جي دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو خلال زيارات رسمية متكررة.
خطط ضخمة وتقدّم محدود
رغم مضي أكثر من شهر على انطلاق أعمال المركز، تشير شهادات أكثر من 20 مسؤولاً ودبلوماسياً إلى تقدّم محدود للغاية.
ففي الوقت الذي يطالب فيه قرار مجلس الأمن الأخير بتطبيق خطة ترامب المكوّنة من 20 بندًا، والتي تشمل نشر “قوة استقرار دولية” ونزع سلاح الفصائل المسلحة، لا تزال الخطط في مراحلها الأولى، مع تباين واضح بين الرؤى الأميركية والإسرائيلية.
كما يحاول المركز إدارة دخول المساعدات الإنسانية، التي تصل نحو 800 شاحنة يوميًا وفق القيادة المركزية الأميركية، لكنه لا يزال يواجه صعوبات كبيرة في ظل استمرار السيطرة الإسرائيلية الفعلية، وتحديدًا عبر “منسق أعمال الحكومة في المناطق”.
“إقصاء كامل”
على الرغم من إعداد السلطة الفلسطينية لخطط مفصلة للإغاثة وإعادة الإعمار، فقد بقيت خارج دائرة المشاركة في اجتماعات المركز، ما يؤكد الموقف الإسرائيلي المعارض لأي مسار قد يقود إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
ويؤكد دبلوماسيون تحدثوا لـ”نيويورك تايمز” أن إقصاء الفلسطينيين عن مناقشة مستقبل قطاع يضم أكثر من مليوني نسمة يقوّض فرص نجاح أي مبادرة دولية، مستحضراً تجارب العراق وأفغانستان حيث فشلت خطط إعادة الإعمار رغم الموارد الضخمة المخصّصة لها.
“مجتمعات آمنة بديلة”
داخل المركز، يثير ملف مقترح أميركي إسرائيلي لإنشاء “مجتمعات آمنة بديلة” نقاشا واسعًا.
ويقوم المقترح على إقامة مجمّعات سكنية جديدة في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، يُتوقع أن تنتقل إليها عائلات فلسطينية من مناطق أخرى بهدف توفير “الأمن والخدمات”.
لكن دبلوماسيين غربيين حذّروا من أن المشروع قد يكرس تقسيم طويل الأمد للقطاع، في ظل غياب وضوح بشأن معايير القبول وشروط الإقامة، ووجود شكوك حول استعداد السكان، الذين شهدوا موجات نزوح وقصف، للانتقال إلى مناطق تبقى تحت رقابة عسكرية مشددة.
ويأتي كل ذلك في وقت لا تزال فيه تداعيات الحرب مستمرة، بعد أن دمرت معظم قطاع غزة وقتلت عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

