بقلم: يورونيوز
نشرت في
شكّل البيان المشترك الصادر عن الجلسة الختامية انعكاسًا مباشرًا لقلق عالمي متزايد، بعدما أشار إلى تفاقم اللااستقرار وتعميق اللامساواة واتساع الانقسام الدولي، مؤكّدًا كذلك خطورة التغير المناخي وضرورة التكيّف معه، ومشيدًا بالأهداف الطموحة للطاقة المتجددة، فيما انتقد أعباء الدين التي ترهق الدول الفقيرة.
وبرز اتجاه واضح نحو إعادة بناء نظام دولي أكثر توازناً، بعدما سعى القادة إلى تجاوز التعقيدات الجيوسياسية التي طبعت النقاشات، وإعادة التأكيد على أن التعددية تبقى الإطار الوحيد القادر على مواجهة موجات الأزمات المتلاحقة.
وشكّل ملف إصلاح المؤسسات الدولية العنوان الأبرز في اليوم الختامي، مع دعوة متجددة لإعادة تشكيل مجلس الأمن ومؤسسات الأمم المتحدة بما يضمن تمثيلًا أوسع للدول النامية، والتشديد على احترام القانون الدولي وتسوية النزاعات عبر الوسائل السلمية باعتبار السلام أساسًا للنمو الاقتصادي.
كما اختُتمت المداولات التقنية بإعلان مبادرة “الذكاء الاصطناعي لإفريقيا”، التي تهدف إلى تطوير البنية الرقمية وتعزيز حوكمة البيانات في القارة، في خطوة تُعدّ من أبرز مخرجات القمة على المستوى التكنولوجي.
“انتصارا للتعددية”
في كلمته خلال الحفل الختامي، قال رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا إن البيان يجسّد “تجدّد الالتزام بالتعاون المتعدد الأطراف”، مضيفًا أن “الأهداف المشتركة لقادة العالم تفوق خلافاتنا”.
واعتبر رامافوزا أن من أبرز النجاحات اعتراف الوثيقة بالحاجة إلى تمويل مناخي موجّه إلى الدول النامية.
ومن جهته، رأى رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أن قمة مجموعة العشرين و”كوب 30″ أثبتتا أن التعددية لا تزال حية.
وفي السياق نفسه، قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس إن الولايات المتحدة ذُكرت بشكل عابر فقط في القمة، معتبرًا أن غيابها جعل دورها هامشيًا في وقت يُعاد فيه تشكيل الروابط الدولية.
وأضاف: “لم يكن قرارًا جيدًا من الحكومة الأمريكية أن تكون غائبة. لكن هذا أمر يعود للحكومة الأمريكية نفسها”.
أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فقد قال خلال الجلسة الافتتاحية أمس السبت إن مجموعة العشرين ربما تكون “على مشارف انتهاء دورة” في تاريخها، داعيًا إلى إعادة تركيزها على القضايا الاقتصادية الاستراتيجية، ومشيرًا إلى “صعوبات” تواجهها المجموعة في إيجاد مقاربة مشتركة للنزاعات المسلحة حول العالم.
توتر بارز بين جنوب إفريقيا والبيت الأبيض
جاء البيان الختامي رغم اعتراض واشنطن على صدوره باسم المجموعة، بعدما قاطعت الولايات المتحدة القمة بقرار من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي رأت في أولويات جنوب إفريقيا، خصوصًا في ملفي التجارة والمناخ، تعارضًا مع سياساتها.
ورفض ترامب أيضًا جدول أعمال القمة الهادف إلى دعم الدول النامية في التحول إلى الطاقة النظيفة، وخفض تكاليف ديونها المرهِقة، والتكيف مع الكوارث المناخية الناتجة عن التغير المناخي.
وتندرج هذه المقاطعة ضمن تقليص الولايات المتحدة انخراطها في المنتديات المتعددة الأطراف، إلى جانب اتهامات أطلقها ترامب ومسؤولون أمريكيون تتعلق بما وصفوه بـ”إبادة جماعية للبيض” في جنوب إفريقيا.
القمة الأولى في إفريقيا
شهدت القمة التي تُعقد للمرة الأولى في إفريقيا مشاركة عشرات القادة، من دول أوروبية والصين والهند واليابان وتركيا والبرازيل وأستراليا.
وقد انعقدت هذه القمة في لحظة حساسة تُهدّد فيها الحرب الروسية الأوكرانية تماسك التحالف، وبعد محادثات مناخية غير مثمرة خلال “كوب 30” في البرازيل، حيث منعت الدول المنتجة والمستهلكة للنفط الإشارة إلى الوقود الأحفوري في البيان الختامي.
ويُذكر أن مجموعة العشرين تضمّ 19 دولة إلى جانب الاتحادين الأوروبي والإفريقي. وقد تأسست عقب الأزمة المالية الآسيوية (1997-1998) بهدف تعزيز الاستقرار الاقتصادي والمالي الدولي.

