بقلم: يورونيوز
نشرت في
شكّلت الحادثة، التي جرت يوم الخميس الماضي، صدمة كبيرة بعدما أصيب أحد عشر شخصاً، بينهم أطفال لا تتجاوز أعمار بعضهم تسع سنوات، إثر خروج الدب من الغابة ومحاصرته للمجموعة.
كان تدخل المعلّمين سريعًا: أحدهم استخدم عبوتين من رذاذ طرد الدببة من دون جدوى، آخر قفز فوق الدب وانهال عليه ضرباً، بينما استخدمت معلّمة عكازيها لتوجيه ضربات متتالية للدب قبل أن يعود إلى الغابة. وقد نُقل ثلاثة أطفال إلى المستشفى، بينهم اثنان بحالة حرجة، كما أُسعف أحد البالغين جواً إلى فانكوفر، وتلقى سبعة آخرون علاجاً في البلدة.
وقالت وزيرة البيئة في المقاطعة، تامارا ديفيدسون، إن المعلّمين “خاطروا كثيراً” وكانوا “الأبطال الحقيقيين”، في وقت يرى عناصر الحماية البرية أن هجوماً كهذا، بالنظر إلى حجم المجموعة، يُعتبر غير مألوف في المنطقة. وقد دفع الحادث بالسكان إلى ملازمة منازلهم.
في المقابل، يجري البحث وسط تحديات كبيرة، من بينها التضاريس والغابات الكثيفة. وقد قامت الفرق بتمشيط منطقة واسعة في وادي نهر بيلا كولا خلال عطلة نهاية الأسبوع، سعياً لتحديد مكان الدب وصغيريه.
وقال الرقيب جيف تاير خلال مؤتمر صحافي إن التعامل مع إناث ومعها صغارها “من أخطر ما يواجهه عناصر الحماية”. وتفكّر الفرق باستخدام مصائد حيّة وجمع عينات حمض نووي لتحديد هوية الدببة، لكن تاير أوضح أن “الدببة لا تتعاون بالضرورة”.
تغيّر سلوك الدببة
يُشير السكان إلى تغيّرات غير مسبوقة في السنوات الأخيرة على صعيد سلوك الدببة. فالمنطقة، التي تُعرّف سياحياً بأنها “غابة الدب العظيم”، شهدت تزايداً في أعداد الدببة بصورة أخلّت بالتوازن البيئي. وتقول السلطات إن قطع الأشجار وحرائق الغابات والجفاف المرتبط بتغير المناخ أضرّت بمصادر الغذاء ونقلت الدببة نحو التجمعات البشرية.
كذلك ازداد عدد الاقتحامات، بينها حادثة رواها سكان من وادي بيلا كولا لقناة CityNews، إذ عادت تانييس مونرو إلى منزلها لتجد الباب الأمامي محطماً والمطبخ مدمّراً والثلاجة مسحوبة إلى الخارج، إضافة إلى تخريب مقطورة معدنية ونظام التدفئة. قالت مونرو: “دمّروا المكان بالكامل”.
استراتيجيات التعامل مع الغريزلي
إنّ الدعوات لاستئناف صيد دببة الغريزلي تسببت بانقسام داخل مجتمع الصيادين. حذّر اتحاد الحياة البرية في بريتيش كولومبيا من أن الهجوم الأخير، رغم كونه غير معتاد، يعكس منحى عاماً. فقد أشار الاتحاد إلى أن قرار حظر صيد دببة الغريزلي بهدف الجوائز عام 2017، وهو قرار يعتبره “غير قائم على أساس علمي”، ترافق مع تضاعف البلاغات السنوية عن الدببة إلى نحو ألف بلاغ بعد أن كانت بين 300 و500 سنوياً.
في المقابل، يرى نيكولاس سكابيلاتي، رئيس مؤسسة غريزلي بير غير الربحية، أن مجتمعات الأمم الأولى تتعامل مع الحياة البرية باعتبارها مسؤولية ورعاية وليست شيئاً “يُدار”. وفي تلك المجتمعات، تنشط برامج تثقيف حول الدببة تعكس مقاربة شمولية للتعايش.
ويعتبر سكابيلاتي أن تغيّر مصادر الغذاء واشتداد حرائق الغابات يدفع الدببة للتحرك بطرق مختلفة، ما يتطلب التفكير باستراتيجيات جديدة. ويضيف أن مجتمعات الأمم الأولى “كانت ولا تزال رائدة في هذا المجال”، وأنها تحتاج إلى الدعم لتطبيق خطط أثبتت أن التعايش مع الدببة ليس أمراً نظرياً، بل واقعاً ممكناً.

