من ساحات العمليات إلى مختبرات الأبحاث ومجالس الطب العالمية، يواصل الأطباء اللبنانيون ترك بصماتهم على خريطة الطب الحديث. لم تكن إنجازاتهم مجرد نجاحات مهنية، بل رسائل أملٍ تعكس روح الإبداع والالتزام الإنساني الذي يميّزهم في كل مكان.
يُعدّ الطبيب الراحل الأميركي اللبناني الأصل مايكل دبغي أحد أعظم روّاد جراحة القلب في التاريخ، فقد أسهم بإسهامات ثورية غيرت وجه الطب الحديث، ابتكر مضخات القلب والقلوب الاصطناعية، وطور تقنيات دقيقة لجراحات الشرايين التاجية التي أصبحت أساساً في علاج أمراض القلب حول العالم. أجرى آلاف العمليات الناجحة، وكان مستشاراً طبياً لعدد من رؤساء الولايات المتحدة، مما جعل اسمه مرادفاً للتميّز والابتكار في الطب والجراحة.
في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، أُنجزت أول عملية زرع رئة في الشرق الأوسط. العملية التي قادها الدكتور جميل برجي بمساعدة الدكتور بيار صفير، أنقذت حياة مريضة عانت لأكثر من عقد من أمراض الرئة الوراثية، بعد أن توقفت وظائفها تمامًا.
تصدّر البروفسور جاك مرقص المشهد الطبي في الولايات المتحدة بعدما تولى رئاسة قسم جراحة الأعصاب في مستشفى “جاكسون ميموريال” في ميامي، أحد أكبر المراكز الطبية الأميركية، مرقص بات اليوم مرجعًا عالميًا في جراحة الدماغ وقاعدة الجمجمة.
في المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت، نفّذ فريق كهرباء القلب عملية نوعية لزراعة بطارية تنظم ضربات القلب من دون جراحة أو أسلاك، في إجراء لا يتجاوز عشرين دقيقة، يقلل مضاعفات الالتهابات ويمنح المريض شفاء أسرع.
في إنجاز غير مسبوق، أجرى فريق لبناني برئاسة الدكتورة رندة عاقوري وبالتعاون مع البروفسور السويدي ماتس برانستورم أول عملية زرع رحم في لبنان والمنطقة، استمرت العملية 18 ساعة وشكلت علامة فارقة في جراحة العقم والخصوبة.
الباحث الكندي اللبناني غسان بقيلي برهن علميًا ارتباط ارتفاع الصوديوم بتراكم الكالسيوم في الشرايين، ما يرفع ضغط الدم ويزيد خطر أمراض القلب. أبحاثه ساهمت في تطوير علاجات جديدة لأمراض عضلية وجينية.
فقد نال الطبيب اللبناني جوزيف خليل لقب “الأفضل بين الأفضل” في طب الأسنان في واشنطن العاصمة، تكريمًا لتميّزه في التقنيات الحديثة لعلاج الفم والأسنان.
كما اختير الدكتور حسن يحيى عضوًا في مجلس طب الأسنان في ولاية ميشيغان بقرار من حاكمة الولاية غريتشن ويتمير، ليكون أول طبيب من الشرق الأوسط يشغل هذا المنصب المرموق.
وبرز الطبيب والباحث اللبناني جواد فارس كأحد أبرز العلماء الشباب في العالم بعد اختياره ضمن قائمة “فوربس 30 تحت سن 30” لفئة العلوم والرعاية الصحية، بفضل ابتكاره مقياس فارس لتقييم إصابات القنابل العنقودية، كما اختارته مجلة Genetic Engineering and Biotechnology News ضمن أفضل عشرة علماء شباب عالميًا.
وفي اليابان، نجح الدكتور عبد القادر العسكر في إنقاذ طفل من الشلل الرباعي بعملية دقيقة استغرقت أكثر من أربع ساعات، أعاد خلالها الفقرة الرقبية إلى مكانها وثبّتها بأسفل الجمجمة مستخدمًا نظام O-arm navigation system، لتُسجّل العملية كإنجاز علمي عالمي.
أما الطبيب اللبناني علي يونس فقد ابتكر علاجًا مبتكرًا لمرض “فيبروميالجيا” يعتمد على تعزيز المناعة بدلًا من الأدوية المثبطة، وحاز ابتكاره إشادة واسعة في مؤتمر طبي دولي في إيطاليا.
وفي أوروبا، ابتكر البروفسور باسم الحسن تقنية جديدة لجراحة الكتف عُرضت للمرة الأولى أمام مئات الجراحين، لمعالجة تلف العضلة الناتج عن الإفراط في الكورتيزون وتحسين تدفق الدم والأعصاب.
سطع أيضًا اسم الدكتور إبراهيم عبيد في فرنسا بعد تصنيفه كأول جراح خبير في العمود الفقري وفق مجلة Le Point الفرنسية، فيما نال البروفسور جوزف مارون المعراوي جائزة أفضل بحث علمي في مجلة Neurosurgery العالمية عن دراسته في تخفيف آلام ما بعد جراحات العمود الفقري.
وفي مجال الأبحاث النباتية، اكتشف الدكتور محمد خليل عشبة لبنانية تنتمي إلى فصيلة الزعتر تحتوي على مركبات مضادة للسرطان، ما فتح آفاقًا جديدة للعلاج الطبيعي.
كما نال الدكتور محمد الساحلي جائزة التميّز الطبي من منظمة Zenith Global Health البريطانية تقديرًا لإبداعه في مجالي الطب والرعاية الصحية في أوروبا وأفريقيا.
نال الدكتور علي نعمة جائزة الجمعية الفرنكوفونية لتصلب الشرايين في فرنسا، عن دراسته التي حللت التغيرات الجينية والبروتينية في الشرايين المتصلبة، فاتحةً الطريق أمام تطوير أدوية أكثر فاعلية.
حققت الدكتورة رندا عاقوري سبقًا عالميًا حين ساهمت في أول عملية زراعة رحم ناجحة في السويد، مانحةً الأمل لنساء فقدن القدرة على الإنجاب، كرّمتها دول عدة عن أبحاثها في هذا المجال الحيوي.
نفّذ الدكتور حسان عبد العزيز أول علاج إشعاعي لسرطان العين في لبنان من دون استئصالها، مستخدمًا تقنية “Brachy Therapy” المتطورة التي حافظت على البصر وغيّرت مسار علاج هذا النوع من السرطان.
كشف الباحثان جورج نمر وآثار خليل في الجامعة الأميركية في بيروت أربع صبغيات جينية مرتبطة بسرطان الرئة، ما يمهّد لتطوير علاجات تستهدف المرض على المستوى الوراثي.
حاز البروفسور بيار زلوعة تقديرًا من معاهد الصحة الوطنية الأميركية (NIH) عن بحثه حول تأثير النزوح القسري على تفشي مرض السكري بين اللاجئين، في إنجاز علمي عالمي جديد للبنان.
أنجز فريق من أطباء القلب في الجامعة الأميركية أول عملية في الشرق الأوسط لاستبدال الصمام التاجي عبر الجلد، مانحًا الأمل لمرضى لا يتحملون الجراحة المفتوحة.
نجح فريق جراحة الأعصاب في الجامعة الأميركية في استئصال ورم في العصب البصري لطفلة عبر المنظار من الأنف، من دون الحاجة لشق الجمجمة، في إنجاز هو الأول من نوعه في لبنان.
كرّمت بريطانيا الطبيبة اللبنانية نادين حشاش حرم بوسام الإمبراطورية البريطانية تقديرًا لإسهاماتها في إدخال التكنولوجيا إلى الجراحة. كما اختارتها “فوربس” ضمن أقوى 100 امرأة عربية.
وهكذا، تستمر الإنجازات الطبية اللبنانية بالتراكم بلا حدود، كل نجاح يفتح الطريق لآخر، وكل إنجاز يضيف صفحة جديدة إلى سجلّ العطاء المستمر، كأنها قائمة لا تنتهي من التميز والإبداع.
يُعدّ الطبيب اللبناني غبريال غريّب من أبرز جراحي القلب في فرنسا، إذ اختير كأبرع جراح من بين 200 ألف طبيب فرنسي عام 2013 بفضل ابتكاره تقنية متطورة لزرع الشرايين التاجية دون الحاجة إلى التنويم الاصطناعي، مما جعل عملياته أكثر أماناً وسرعة. وقد كان أول من نفّذ هذا النوع من الجراحة في الجزائر عام 2003، وذاع صيته عالمياً بفضل مهارته وتميّزه في جراحة القلب داخل فرنسا وخارجها.
