هاسيت يتصدر.. هل ينتهي صراع ترامب مع باول؟
بعد أشهر من المقابلات والتكهنات، يبدو أن البحث عن رئيس جديد للاحتياطي الفيدرالي الأميركي قد وصل إلى محطته النهائية، حيث تبرز ملامح قرار مصيري قد يعيد تشكيل مسار السياسة النقدية الأميركية.
تتجه الأنظار بقوة نحو كيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني بالبيت الأبيض، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع داخل الدوائر المقربة من الرئيس دونالد ترامب على أنه المرشح الأوفر حظاً لقيادة أقوى بنك مركزي في العالم.
يمثل هذا التعيين المحتمل أكثر من مجرد تغيير إداري، إنه يجسد محاولة واضحة لتثبيت حليف موثوق يتبنى علناً رؤية ترامب القائمة على ضرورة خفض تكاليف الاقتراض، في تناقض حاد مع التوترات التي سادت علاقة الرئيس بسلفه جيروم باول.
هذا التحول المرتقب أثار بالفعل ردود فعل فورية في أسواق السندات، مما يؤكد حساسية اللحظة وارتباطها الوثيق بمستقبل التضخم والنمو.
في ظل هذا المشهد، تطرح العديد من التساؤلات الحاسمة: هل هاسيت حقاً على وشك تحقيق حلم ترامب بخفض الفائدة؟ وماذا يعني تصدّر هاسيت لسباق رئاسة الاحتياطي الفيدرالي للأسواق الأميركية؟ والأهم، هل حان وقت خفض الفائدة بـ “النهج الترامبي”؟
وبحسب تقرير نشرته وكالة “بلومبرغ” واطلعت عليه سكاي نيوز عربية، فإن البحث عن رئيس جديد للاحتياطي الفيدرالي، الذي يقوده وزير الخزانة سكوت بيسنت، قد دخل مراحله النهائية والحاسمة. منذ الصيف، أجرى بيسنت مقابلات مع نحو اثني عشر مرشحاً، تم تقليصهم مؤخراً إلى خمسة متنافسين نهائيين، يتقدمهم كيفن هاسيت.
وتضم القائمة المختصرة أيضاً كلاً من المسؤول السابق في البنك المركزي كيفن وورش، ومحافظ الاحتياطي الفيدرالي الحالي كريستوفر وولر، إلى جانب نائبة رئيس الاحتياطي الفيدرالي للإشراف ميشيل بومان، والمسؤول التنفيذي في بلاك روك ريك ريدر.
جو يرق: الانقسام في الفيدرالي يثير القلق حول مسار الفائدة
ومن المتوقع أن تُختتم المقابلات مع هذه المجموعة هذا الأسبوع، ليلتقي بعد ذلك عدد أقل من المرشحين النهائيين بكبار مسؤولي البيت الأبيض، بما في ذلك رئيسة الأركان سوزي وايلز ونائب الرئيس جيه دي فانس. وتؤكد مصادر مطلعة، بحسب التقرير، أن هاسيت هو الأوفر حظاً، لا سيما بعد تصريحه العلني أخيراً بأنه سيقبل المنصب رغبةً في خدمة بلاده ورئيسه، حال طُلب منه ذلك.
تاريخ الصدام بين ترامب والبنك المركزي
تأتي هذه العملية في ظل تاريخ متوتر من الصدام المباشر بين الرئيس ترامب والاحتياطي الفيدرالي. ويُعد تعيين رئيس البنك ومحافظيه أكثر الطرق مباشرة التي يمكن للرئيس من خلالها التأثير على السياسة النقدية. ووفقاً لتقرير الوكالة الأميركية، فإن ترامب رشح الرئيس الحالي جيروم باول خلال ولايته الأولى، لكنه “ندم” لاحقاً على القرار، إذ لم يسر باول بالوتيرة المطلوبة لخفض أسعار الفائدة.
وتصاعدت حدة الانتقادات مؤخراً، حيث وصف ترامب باول علانية بأنه “غير كفء بشكل فادح”، كما أنه لطالما استخدم البنك المركزي “ككيس ملاكمة” لانتقاداته اللاذعة. ويشير التقرير إلى أن الضغوط السياسية المرافقة لعملية الاختيار هذه المرة دفعت وزير الخزانة بيسنت إلى ضرورة الموازنة بين مرشحين يحظون بثقة الرئيس وفي الوقت ذاته يحظون بقبول الأسواق المالية.
وفي دلالة على حساسية الموقف، قال شون سبايسر، السكرتير الصحفي السابق للبيت الأبيض، إن الرئيس ترامب لن يعيّن “شخصاً ليست لديه علاقة شخصية قوية به” لخلافة باول.
صعود هاسيت يجعل تطبيق (نهج ترامب) أكثر احتمالاً
في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، قال الرئيس التنفيذي لمركز “كوروم للدراسات الاستراتيجية”، طارق الرفاعي: “إن صعود كيفن هاسيت كمرشح أوفر حظاً لرئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يجعل تطبيق (نهج ترامب) في تحديد أسعار الفائدة أكثر احتمالاً، ولكنه ليس مؤكداً”.
وأضاف: “يرغب ترامب في خفض تكاليف الاقتراض ويرى في هاسيت حليفاً موثوقاً يشاركه هذا الرأي، وقد صرّح هاسيت بأنه كان سيخفض أسعار الفائدة بالفعل بناءً على البيانات الحالية، وهو ما يتماشى مع رغبة ترامب طويلة الأمد في تخفيف السياسة النقدية بشكل أسرع وأعمق”.
وبهذا المعنى، يعد هاسيت أقرب شخص حتى الآن لتحقيق حلم ترامب بالحصول على أموال أرخص، خاصةً إذا استمر التضخم في الانخفاض وتراجعت بيانات النمو، مما يمنحه مبرراً اقتصادياً كلياً لتمرير التخفيضات، بحسب تعبيره.
تساؤلات حول استقلالية الاحتياطي الفيدرالي
وبالنسبة للأسواق، يرى الرفاعي أن موقع هاسيت المتقدم يعني بشكل أساسي احتمالية أكبر لخفض أسعار الفائدة في وقت مبكر وبشكل أكثر جرأة، وهو ما يميل إلى دعم أسواق الأسهم والأصول عالية المخاطر على المدى القصير.
ولكنه يثير أيضاً تساؤلات حول استقلالية الاحتياطي الفيدرالي والتضخم المستقبلي، مما يُبقي أسواق السندات في حالة ترقب لأي إشارة تدل على أن مصداقية البنك المركزي على المدى الطويل معرضة للخطر، طبقاً لما قاله الرئيس التنفيذي لمركز “كوروم للدراسات الاستراتيجية” الرفاعي.
من جهته، يرجح الخبير الاقتصادي هاشم عقل، عضو مجلس أمناء مركز الشرق الأوسط للدراسات الاقتصادية، في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن يشهد الاقتصاد الأميركي تغيرات كبيرة في الفترة المقبلة، خاصة مع احتمال تولي هاسيت منصب رئيس الاحتياطي الفيدرالي، إذ أن هاسيت يعد من المقربين للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أنه سيدفع باتجاه خفض الفائدة لتعزيز الاقتصاد.
لماذا قد يخفض هاسيت الفائدة؟
وذكر عقل عدة عوامل تشير إلى توجه هاسيت (في حال توليه المنصب) لخفض الفائدة وهي:
- ضعف الاقتصاد: تشير البيانات الاقتصادية إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم.
- ضغط ترامب: من المتوقع أن يضغط ترامب على هاسيت لخفض الفائدة لدعم الاقتصاد قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
- سياسة هاسيت الاقتصادية: من المرجح أن يدفع هاسيت باتجاه سياسات اقتصادية أكثر انفتاحاً وتشجيعًا للنمو.
ورداً على سؤال: ماذا يعني، تصدّر هاسيت لسباق رئاسة الاحتياطي الفيدرالي، أجاب الخبير الاقتصادي عقل بأن ذلك يعني:
- تغيير في السياسة النقدية: قد يشهد الاقتصاد الأميركي تغييراً في السياسة النقدية مع تولي هاسيت المنصب.
- تأثير على الأسواق المالية: قد يؤدي تولي هاسيت المنصب إلى تقلبات في الأسواق المالية.
- تأثير على الاقتصاد العالمي: قد يكون لتولي هاسيت المنصب تأثير على الاقتصاد العالمي، خاصة إذا اتبع سياسات اقتصادية أكثر انفتاحاً.

