بقلم: يورونيوز
نشرت في
تعهّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأحد بأنه سيتقصّى صحة التقارير التي تحدثت عن شنّ الجيش الأمريكي ضربةً ثانية على قارب في البحر الكاريبي، أسفرت عن مقتل ناجَيْن من الهجوم الصاروخي الأول، مؤكدًا أنه “لم يكن ليتمنّى أبدًا” تنفيذ تلك الضربة اللاحقة.
وكان ترامب يردّ على تساؤلات صحفيين على متن طائرة “إير فورس وان” بشأن حادثة وقعت في 2 سبتمبر، وصفتها إدارة البيت الأبيض بأنها أول عملية علنية ضمن حملة عسكرية تستهدف قوارب يُزعم أنها تُستخدم في تهريب المخدرات عبر البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادئ.
وفقاً لتقرير لصحيفة “واشنطن بوست”، رصدت القوات الأمريكية خلال الحادثة اثنين من الناجين يتشبّثان ببقايا القارب المشتعل بعد الضربة الأولى، ثم قرّرت شنّ ضربة ثانية عليه.
ونقلت الصحيفة عن مصادر على دراية مباشرة بالعملية أن التعليمات التي صدرت عن وزير الدفاع، بيت هيغسيث، كانت صريحة ومباشرة: “اقتلوا جميع الموجودين على متن القارب”.
إلا أن ترامب نقل عن هيغسيث قوله إنه “لم يُصدر أمراً بقتل هذين الرجلين”. ودافع الرئيس عنه، مكرراً أنه سيتحقق من صحة المعلومات، لكنه أوضح: “الضربة الأولى كانت قاتلة للغاية، ولم أكن أتمنّى حدوث ضربة ثانية”.
في المقابل، وصف هيغسيث التقارير بأنها “أخبار زائفة”. وفي وقتٍ متأخر من يوم الأحد، نشر على حسابه الشخصي في منصة “X” غلافاً ساخراً لكتاب للأطفال بعنوان: “فرانكلين يستهدف إرهابيي المخدرات”، يصوّر شخصية السلحفاة “فرانكلين” وهو يرتدي سترة عسكرية أمريكية ويفتتح النار من طائرة هليكوبتر على قوارب مسلّحة.
دعوة أممية للتحقيق واتهامات بجرائم حرب
من جانبه، دعا المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الولايات المتحدة إلى فتح تحقيق في مشروعية هذه العمليات، محذراً من وجود “أدلة قوية” تشير إلى أن الضربات ترقى إلى مستوى “إعدامات خارج نطاق القضاء”.
كما عبّر مسؤولون أمريكيون بارزون عن قلقهم من تداعيات الحادثة. وقال النائب الجمهوري مايك ترنر في مقابلة مع شبكة “سي بي إس”: “من الواضح أنه إذا حدث ذلك، فسيكون أمراً بالغ الخطورة، وأوافق على أنه سيكون عملاً غير قانونياً”.
واتّخذ السناتور الديمقراطي تيم كين موقفاً أكثر صرامة، مؤكداً أن ما وُصف في الحادثة “إذا ثبتت دقّته، يُعدّ جريمة حرب”.
وفي خطوة نادرة تعكس إجماعاً عبر الحزبين، أعلن كلٌّ من مايك روجرز، العضو الجمهوري الأعلى مرتبة في لجنة الشؤون العسكرية بمجلس النواب، وأدم سميث، نظيره الديمقراطي، في بيان صدر يوم السبت، شروعهما في “إجراء ثنائي بين الحزبين للحصول على صورة شاملة ودقيقة عن مجريات العملية”.
كما أصدر نظيراهما في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ بياناً مماثلاً في وقتٍ متأخر من يوم الجمعة.
ومنذ سبتمبر الماضي، نفّذت الولايات المتحدة سلسلة ضربات جوية استهدفت قوارب يُشتبه باستخدامها في تهريب المخدرات، ما أسفر عن مقتل 83 شخصاً على الأقل.
غير أن إدارة ترامب لم تقدّم حتى الآن أي أدلة ملموسة تدعم ادعاءاتها، وهو ما دفع خبراء قانونيين وحقوقيين إلى التشكيك في شرعية هذه العمليات.
مكالمة بدون تفاصيل
وفي سياق منفصل، أكد ترامب أنه تحدث هاتفياً مع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، دون أن يكشف عن تفاصيل المحادثة. وقال للصحفيين: “لا أريد التعليق على ذلك. الجواب نعم”. وأضاف: “لا أستطيع القول إنها سارت بشكل جيد أو سيء. كانت مجرد مكالمة هاتفية”.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” قد أفادت سابقاً بأن المكالمة تناولت احتمال عقد لقاء بين الرجلين في الولايات المتحدة.
ويأتي هذا الاتصال في ظلّ تصاعد الخطاب التحريضي الذي يتّبعه ترامب حيال فنزويلا، إذ صرّح يوم السبت بأن المجال الجوي فوق فنزويلا والمناطق المحيطة بها “يجب أن يُعتبر مغلقاً بالكامل”. وعندما سُئل عما إذا كان هذا التصريح يُشير إلى احتمال شنّ ضربات عسكرية وشيكة، ردّ قائلاً: “لا تفسّروا أي شيء من ذلك”.
خيارات أمريكية تشمل الإطاحة بمادورو
أفادت وكالة رويترز أن الإدارة الأمريكية تدرس خيارات عدة للتعامل مع فنزويلا، من بينها محاولة الإطاحة بمادورو، في ظلّ اتهامات متكررة بضلوع حكومته في تجارة المخدرات التي “تقتل الأمريكيين”، حسب تعبير مسؤولين أمريكيين. وينفي مادورو هذه الاتهامات جملةً وتفصيلاً.
وأشارت رويترز إلى أن الجيش الأمريكي يُعدّ لمرحلة جديدة من العمليات بعد تجميع واسع للقوات في البحر الكاريبي، وإثر نحو ثلاثة أشهر من الضربات على قوارب مُشتبه بها قبالة السواحل الفنزويلية.
ندّدت منظمات حقوقية دولية بالضربات الأمريكية، معتبرة أنها عمليات “إعدام خارج القانون” تستهدف مدنيين. كما أعرب حلفاء أمريكيون عن “قلق متزايد” من احتمال انتهاك واشنطن للقانون الدولي عبر هذه الحملة غير المسبوقة.

