في صفقة يلفّها الغموض وتفوح منها روائح الفساد، تعتزم حكومة ميليشيا أسد منح شركة خاصة امتيازاً لإدارة مطار دمشق الدولي مقابل نسبة مرتفعة من عائداته، رغم أنه أحد أكثر المرافق ربحية ورغم أن السوريين دفعوا من جيوبهم تكاليف إنشائه.
ونقلت جريدة البعث عن مصادر “وثيقة” في وزارة النقل أن “قطار التشاركية”، كنهج حكومي يعول عليه الكثير خلال المرحلة القادمة، سيحط في مطار دمشق الدولي عبر دراسات وصيغ قانونية يتم التباحث بشأن عقودها.
وأضافت أنه بموجب هذا النهج ستدخل إحدى شركات القطاع الخاص في عمليات استثمار وإدارة وتشغيل المطار بعملياته الجوية والأرضية بحيث تتوزع الحصص بين 51% لمؤسسة الطيران العربية السورية و49% للمستثمر الشريك.
وبحسب التفاصيل الأولية التي أوردتها الصحيفة، فإن الشريك الخاص (شركة لم يفصح عنها) ستتحمل المسؤوليات التي يتيحها القطاع للعمل في الطيران المدني من تنفيذ جميع الأعمال والخدمات المتعلقة بالنقل الجوي للركاب والبضائع وامتلاك وشراء وإيجار واستثمار الطائرات، وتنظيم الرحلات الجوية وخدماتها والخدمات الأرضية، وأخذ الوكالات عن شركات الطيران، وفتح فروع داخل وخارج سوريا، بالتوازي مع الدخول في ميدان الخدمات الأرضية من خلال تأمين البنى اللازمة من معدات وشاحنات ورافعات وعربات أرضية تخدم حركة القدوم والمغادرة.
سيروب تحذر: سيشمل كافة المطار
غير أن الخبيرة الاقتصادية الموالية رشا سيروب، كشفت ما هو أبعد من ذلك، حيث قالت في منشور على فيسبوك، إن موضوع التشاركية المطروح هو مع مؤسسة الخطوط الجوية السورية (وليس مطار دمشق الدولي)، أي أكبر من قضية استثمار مطار واحد، بل يمتد إلى جميع المطارات السورية كمطار الباسل في اللاذقية، ومطار القامشلي في محافظة الحسكة، ومطار حلب الدولي، إضافة إلى مطار دمشق الدولي.
وأوضحت أن الخطوط الجوية السورية هي المؤسسة التي تقوم إلى جانب نقل الركاب والبضائع عبر أسطولها الجوي ولها أساساً حصرية تقديم جميع الخدمات لجميع الطائرات العربية والأجنبية التي تهبط في المطارات المدنية السورية كتموين الطائرات، استقبال الركاب، وصيانة الطائرات، وجميع الخدمات الأرضية، وبالتالي سيتعدّى اتفاق الشراكة مطار دمشق الدولي.
فكفكة الاقتصاد السوري
الخبير الاقتصادي الدكتور فراس شعبو، أكد في حديث لأورينت أن تلك الخطوة كانت منتظرة، ولا سيما بعد أن قدّم نظام أسد معظم المرافق الحيوية من موانئ وحقول نفط وغاز وفوسفات لشركات روسية وإيرانية كنوع من سداد الدين لقاء دعمه سياسياً واقتصادياً ودفاعهم عنه عسكرياً.
وأضاف أن هذا النوع من الشركة ما هو إلا خطوة أولى نحو خصخصة مؤسسات الدولة ومراكز سياسية، حيث يقوم النظام بفكفكة مفاصل الاقتصاد السوري الحساسة وبيعها تدريجياً وتحويلها إلى ممتلكات فردية، محذراً من أن عقود الاستثمار الخارجية التي يتم توقيعها مع الشركات الأجنبية تبقى نافذة حتى في حال سقوط النظام.
ومن البنود الأساسية التي ورد ذكرها في التقرير “ضرورة تأمين الصيانة والتأهيل من قبل الشريك بالتنسيق مع قدرات وإمكانيات الكوادر الفنية والخبرات التي يمتلكها المطار، على أن يتحمل الجانب الخاص مسؤولية تأمين الإمكانات والقدرات ووسائط الدعم اللوجستي لعمل الطواقم الفنية العائدة لرأسمال المطار البشري”.
ويرى شعبو أن نظام أسد قد يتمكن من الالتفاف على بعض العقوبات وتأمين بعض قطع الغيار والمستلزمات الضرورية للحركة الجوية من خلال الشراكة ولا سيما إن كانت دولية، لكنه يرجح أن الشركة التي لم يكشف عن هويتها إما مرتبطة بروسيا أو إيران أو من شخصية مقربة للغاية من عائلة أسد، كحال رامي مخلوف حينما كان يستأثر بقطاع الاتصالات الخلوية والمناطق الحرة.
وخلافاً للحالات المشابهة في بلدان أخرى، لن تنعكس تلك الشراكة على تحسين الخدمات أو تطوير القطاع بل إن هدفها استثماري بحت هدفه تحصيل المال، وفقاً لـ شعبو الذي وصف تلك الشراكة بأسوأ أنواع الخصخصة.
وكانت وسائل إعلام موالية كشفت أواخر نيسان الماضي أن حكومة أسد وافقت على منح إيران آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية مقابل الديون التي أقرضها نظام الملالي لميليشيا أسد في السنوات الماضية.
وعلى مر الأعوام القليلة، انتزعت كل من روسيا وإيران امتيازات اقتصادية حيوية لسنوات طويلة في حقول النفط والغاز والفوسفات، والموانئ، في الوقت الذي تغيب فيه أبسط مقومات الحياة في مناطق سيطرة أسد.