أشادت صحيفة “ذا تايمز” البريطانية بقصة نجاح شيف سوري أجبرته الحرب على ترك عائلته ومطاعمه في سوريا واللجوء إلى بريطانيا، حيث أصبح وجهاً مألوفاً على برامج الطهي التلفزيونية، ويدير مطعمه الخاص في العاصمة البريطانية لندن.
قرار الخروج من سوريا
وترك الشيف السوري “عماد الأرنب” عائلته في دمشق عام 2015، بعد أن تعهد لابنته بأنه سيلتقي بهم في مدة لا تزيد عن عام.
وذكرت الصحيفة أن “عماد الأرنب” قرر الخروج من سوريا بعد أدرك أن الحياة لن تعود أبداً إلى ما كانت عليه، حيث دمّر القصف اثنين من مطاعمه الثلاثة، فيما كان الآخر في منطقة لم يعد الوصول إليها آمناً.
وأوضح “الأرنب” للصحيفة أن ترك عائلته في منطقة حرب كان أصعب قرار بحياته، والآن بعد 8 سنوات من وصوله إلى بريطانيا، يعيش “الأرنب” مع زوجته وبناته الثلاث بعد لمّ شمل العائلة بوقت سابق، ويعمل في مطعمه وسط لندن، حيث يتعرّف عليه الزبائن بعد رؤيته في برنامج الطهي الخاص بـ BBC Saturday Kitchen ويرغبون في تقديم تحياتهم الشخصية له.
وقال “الأرنب”: “أعلم أنني من أكثر الناس حظاً على الإطلاق.. كانت مشكلتي الكبرى هي المكان الذي كنت سأقضي فيه عطلتي الصيفية”.
رحلة شاقة
وحول الرحلة الشاقة التي مرّ بها، أوضح أن الأمر استغرق 3 أشهر للوصول إلى المملكة المتحدة من سوريا، مروراً بلبنان وتركيا واليونان ومقدونيا الشمالية وصربيا والنمسا، حيث تم حشره في صناديق الشاحنات، إضافة إلى سيره على الأقدام مئات الأميال، وركوبه في قارب على متنه عشرات الأشخاص، ومن ثم قضاؤه عدة أشهر في مخيم كاليه للاجئين.
وصل الشيف السوري إلى لندن في تشرين الأول/أكتوبر 2015 ومعه 12 جنيهاً إسترلينياً في جيبه – وهو المبلغ المطلوب بالضبط لتذكرة قطار إلى حيث تعيش أخته في المدينة.
وبعد مرور 364 يوماً من تعهده لابنته بأنه سيلمّ شملهم في غضون عام، وصلت عائلته إلى لندان، وفي عام 2017 بدأ رحلته التالية بافتتاح مطعم أحلامه في لندن، حيث بدأ بسلسلة من النوافذ المنبثقة في جميع أنحاء العاصمة، مما أبهر سكان لندن بأشهى المأكولات من مطبخه المنزلي.
لندن باتت موطني
وقال “الأرنب”: “بمجرد وصولي إلى لندن أحببتها.. شعرت أنه طوال الرحلة أن الناس يتحدثون عني: ها هو لاجئ سوري آخر يحمل حقيبة ظهر”، مشيراً إلى أنه في لندن “يمكنك أن تكون عارياً هنا ولن ينظر إليك أحد”.
وأشارت الصحيفة إلى أن مطعم “الأرنب” الذي افتتحه في عام 2021 حقق نجاحاً كبيراً حيث انتقل الآن إلى مبنى أكبر في Kingly Court ، قبالة شارع Carnaby.
وكتب “الأرنب” في أول كتاب طبخ له عن المطبخ السوري: “نحن لا نستخدم طرقاً معقدة أو مكونات باهظة الثمن. إنه طبخ منزلي متواضع، الشيء الرئيسي الذي أريد أن يبتعد عنه الناس، ومن المطعم، هو الحب”.
وبحسب ما نقلت “ذا تايمز”، فإن الشيف السوري لا يعتقد أنه سيعود إلى دمشق إطلاقاً، فقد قال: “لقد أحببت دمشق كثيراً ولكن وافتها المنية في عام 2013، كانت موطني ولكن الآن أصبحت لندن موطني”.
ونشرت الصحيفة مقتطفات من كتاب الطبخ، توضح مكونات بعض الأغذية التي يقوم الشيف “عماد الأرنب” بإعدادها، ومنها الفلافل.