تُعد واحدة من أكثر القضايا المأساوية في التاريخ الأميركي، إذ أُعدم طفل في الرابعة عشرة من عمره ظلمًا، قبل أن تعيد العدالة اعتبارَه بعد سبعة عقود كاملة.
في عام 1944، شهدت ولاية ساوث كارولاينا جريمة هزّت الرأي العام، حين عُثر على جثتي فتاتين بيضاوين، لتتجه أصابع الاتهام سريعًا نحو الصبي جورج ستيني جونيور، الذي لم يتجاوز الرابعة عشرة. كان جورج حينها يلعب مع شقيقته قرب المنزل، حين توقفت الفتاتان وسألتاه عن بعض الأزهار، قبل أن تواصلا طريقهما وبعد ساعات، وُجدتا مقتولتين، وبسبب التوترات العِرقية التي كانت تسيطر على الجنوب الأميركي في تلك الفترة، تم القبض على جورج من دون دليل واضح، فقط لأنه “آخر من شوهد مع الفتاتين”.
وخلال محاكمة استغرقت أقل من ساعة واحدة، ضمّت هيئة محلفين مكوّنة بالكامل من رجال بيض، صدر الحكم بالإعدام على الصبي في مشهد لا يخلو من القسوة ولا من الظلم.
وفي يونيو /حزيران من العام نفسه، تم تنفيذ الحكم بصعق الطفل بالكهرباء بتيار تجاوز 2400 فولت، ليُصبح أصغر من أُعدم في تاريخ الولايات المتحدة.
بعد مرور 70 عامًا، وفي عام 2014، أعاد أشقاء جورج فتح القضية، مستندين إلى وثائق جديدة وشهادات أكدت أن المحاكمة كانت تفتقر لأبسط معايير العدالة. وبعد مراجعة الأدلة، قضت المحكمة ببراءته رسميًا، لتُنصفه متأخرةً بعد أن فقد حياته ظلمًا.
قصة جورج ستيني لم تبقَ في أرشيف القضاء فحسب، بل ألهمت لاحقًا واحدة من أبرز القصص الإنسانية في السينما العالمية فيلم “The Green Mile” إنتاج عام 1999، من بطولة النجوم توم هانكس وغاري سنيز ومايكل دوسان، كتب السيناريو وأخرج الفيلم فرانك دارابونت، وهو الذي اقتبس القصة من رواية “The Green Mile” للكاتب ستيفن كينغ، والتي تحكي عن مأساة هذا الطفل البريء، الذي حُكم عليه بالموت في عالم لم يمنحه فرصة للدفاع عن نفسه.
ورغم أن العدالة جاءت متأخرة، إلا أن اسمه اليوم يُذكر كرمز للبراءة المهدورة، وكجرس إنذار ضد التحيّز، والعنصرية التي ما زالت تترك ندوبها في تاريخ البشرية.
