تزداد ظاهرة الأغاني المولَّدة بالذكاء الاصطناعي انتشاراً حول العالم، حتى بات المستمع يجد صعوبة في التمييز بين الصوت البشري الحقيقي والصوت المصنوع رقمياً.
ورغم أن موسيقى العصر الحديث لطالما عُرفت بقدرتها على الالتصاق بذاكرة الجمهور، إلا أن التطور السريع للتقنيات الحديثة طرح سؤالاً ملحًّا: كيف نعرف أن ما نسمعه من أغنيات هو عمل بشري فعلي وليس نتاج خوارزمية؟
بحسب دراسة حديثة، فإن 97% من المستمعين فشلوا في التفرقة بين أغنية بشرية وأخرى مولدة بالذكاء الإصطناعي، ما أثار قلقاً واسعاً في الأوساط الموسيقية. ويشير الخبراء إلى أن غياب الفنان عن الساحة الواقعية من حفلات حيّة أو تفاعل على منصات التواصل يُعد من أبرز العلامات التي تشكك في أصالة العمل، تماماً كما حدث مع تجربة فرقة “ذا فيلفيت صن داون” التي تبيّن لاحقاً أن مشروعها مدعوم بالذكاء الإصطناعي.
على المستوى التقني، يحدد متخصصون في الموسيقى مجموعة مؤشرات تساعد على كشف الأغاني المصنعة رقمياً، من بينها التجانس المبالغ فيه في اللحن، غياب العيوب البشرية الطبيعية، التكرار الملحوظ في الكلمات وتركيب الجمل، إضافة إلى إنتاج صوتي مثالي يخلو من الروح أو العاطفة. وتوضح البروفيسورة جينا نيف من جامعة كامبريدج أن “التقنية قادرة على تقليد الصوت بدقة مدهشة، لكنها كثيراً ما تفشل في نقل الإحساس البشري”، ورغم الجدل، فإن الذكاء الإصطناعي تحول إلى أداة يعتمد عليها فنانون عالميون. فقد استعانت فرقة البيتلز بالتعلم الآلي لاستعادة صوت جون لينون في أغنية “Now and Then”، بينما قدّمت الفنانة إيموجين هيب أغنية تعتمد على نموذج صوتي يحاكي خامتها، مؤكدة أهمية الشفافية في استخدام هذه التكنولوجيا، ومع غياب قوانين واضحة تلزم المنصات بالإفصاح عن مستوى استخدام الذكاء الإصطناعي في الأغاني، بدأت خدمات كبرى مثل Deezer وSpotify بتطوير أدوات وتقنيات تمنح المستمع معلومات أدق حول مصدر العمل وطريقة إنتاجه، وبينما يرى البعض أن جودة الأغنية ومشاعرها هي الأهم بغضّ النظر عن صانعها، يصرّ آخرون على أن معرفة الحقيقة حق أساسي للمستمع. ورغم التقدم الكبير في الذكاء الاصطناعي، يبقى السؤال قائماً: هل تستطيع التقنية فعلاً أن تصنع أغنية “حقيقية” تحمل الروح نفسها التي يضعها الفنان في صوته وقصته؟
