رحل الإعلامي اللبناني بسام براك تاركاً خلفه قصة استثنائية من الشغف والكلمة والاحتراف، بداية من حبه المبكر للإعلام في شوارع بيروت، إلى أن أصبح أحد أبرز وجوه الشاشة اللبنانية. جسّد براك مثال الإعلامي الذي يمزج بين الأداء المتميز والتفاني في نقل الحقيقة. طوال مسيرته التي امتدت عقودًا، لم يقتصر دوره على تقديم الأخبار والبرامج، بل تجاوز ذلك ليكون مدربًا وملهمًا للأجيال الجديدة، محافظًا على اللغة العربية وأصالتها في عالم الإعلام.
في هذا المقال، نستذكر حياة رجل ترك بصمة لا تُمحى في الإعلام اللبناني والعربي، مسيرة حافلة بالإنجازات والتحديات، حتى رحيله الذي ترك فراغًا كبيرًا في الوسط الإعلامي.
النشأة والبدايات
وُلد بسام براك في بيروت، حيث نما شغفه بالكلمة والإعلام منذ صغره. كان حلمه أن يصبح صوتًا مؤثرًا في الإعلام اللبناني، ليبدأ رحلته المهنية عام 1991 عبر شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال LBCI وإذاعة صوت لبنان، مقدمًا نشرات الأخبار، ومغطيًا أبرز الأحداث السياسية والثقافية على الصعيد المحلي والدولي.
المسيرة الإعلامية وتطورها
تميز بسام براك بأسلوبه المحترف في تقديم البرامج، فقد قدم برنامج “خبرة عمر” الذي استضاف فيه شخصيات من مختلف المجالات، وفي عام 2010، انتقل إلى تلفزيون المستقبل وقدم برنامج “أخبار المستقبل”، وكرّس جزءًا كبيرًا من وقته لعقد دورات تدريبية في فن الأداء الإخباري والإلقاء باللغة العربية الفصحى.
كما عمل أستاذاً جامعياً في كلية الإعلام بالجامعة الأنطونية، ودرّب أجيالًا من الإعلاميين في لبنان وخارجه.
كتاب “توالي الحبر”
أصدر كتابه «توالي الحبر» عام 2018 بالتعاون مع دار الإبداع – الحرف الذهبي، ويتضمن الكتاب فصولاً نثرية تأملية في الله، التراب والكلمة، القلب وصوت السيدة فيروز.
التدريب والتعليم والمشاركات الدولية
لم يقتصر دور بسام براك على تقديم البرامج، بل كان مدربًا على إتقان اللغة العربية، ومنسقًا للمؤتمرات والندوات، وشارك في مؤتمرات إعلامية دولية في دبي، وأكاديميات مرموقة منها جامعة هارفارد، حيث عرض خبراته في اللغة العربية والإعلام. كما قدم برامج تدريبية متميزة تحت عنوان “مذيع العرب”، ودرّب إعلاميين على الأداء والإلقاء وخصوصاً باللغة العربية الفصحى.
الحياة الشخصية
تزوج بسام براك من السيدة دنيز، ولديهما ثلاثة أبناء هم: غدي، رنيم ونينار، وكان يعتبر عائلته مصدر دعمه وسعادته في مسيرته المهنية الطويلة والمليئة بالتحديات.
التحديات الصحية
في شهر كانون الأول/ديسمبر عام 2020، اكتشف الأطباء إصابة بسام براك بورم دماغي إثر نوبة صرع مفاجئة، وخضع لعملية جراحية دقيقة في مستشفى كليمنصو. وبفضل إرادته القوية، استعاد قدراته الحركية والكلامية تدريجيًا، وعاد لممارسة عمله الإعلامي والتدريبي بنجاح.
الجوائز والتكريمات
حصل بسام براك على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لإسهاماته في الإعلام واللغة العربية، أبرزها تكريمه من قبل جمعية “سوشيل واي” بمناسبة يوم اللغة العربية، تقديرًا لجهوده في الحفاظ على اللغة العربية، وتعزيز جمالها ونقائها في الإعلام.
الرحيل والإرث
توفي بسام براك اليوم، عن عمر ناهز 53 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض، تاركًا إرثًا إعلاميًا ثريًا، وبصمة لا تُمحى في الإعلام اللبناني والعربي. وقد نعاه زملاؤه في الإعلام والصحافة، معتبرين أنه كان رمزًا للإعلام الأصيل.
ترك بسام ترك إرثًا خالدًا، وقصة حياة مليئة بالشغف والإصرار والتفاني في خدمة الإعلام والكلمة، لتظل ذكراه حاضرة في قلوب كل الذين عرفوه.

