ليست “وبترحل” مجرّد أغنية عاطفية جديدة في مسيرة الفنان اللبناني رامي عياش، بل عملًا إنسانيًا عميقًا يلامس وجع الفقد بكل أشكاله، أغنية لا تُخاطب الحبيب فقط، بل تتجاوز الإطار الرومانسي لتصل إلى كل من خسر أمًا، صديقًا، أو شخصًا عزيزًا، وكل من اختبر الغياب بصوره القاسية.
في هذا العمل، لا يقدّم رامي كلمات تُقال، بل مشاعر تُعاش، الأغنية تنطلق بنَفَس موسيقي يحمل ثقل الألم، إذ تسبق الموسيقى الصوت، كأنها تهيّئ المستمع لرحلة وجدانية مشحونة بالحنين والانكسار، هنا، يتحوّل اللحن إلى لغة مشاعر، تُترجم ما تعجز الكلمات أحيانًا عن قوله.
التوزيع الموسيقي لـ داني حلو جاء متناغمًا مع روح النص، فاختار أن يلامس لحظات الصمت والرحيل بدقة، مانحًا الأغنية مساحتها الخاصة، من دون استعراض أو افتعال، ليُبقي التركيز على الإحساس الخام.
عياش، بصوته الذي يجمع بين القوة والدفء، يقدّم أداءً صادقًا لا يخفي الضعف ولا يتردّد في الاعتراف بأن الفقد قد يقود أحيانًا إلى الاستسلام، جرأة نادرة في التعبير عن مشاعر يحاول كثيرون إنكارها أو إخفاءها.
“وبترحل” ليست أغنية تُسمع فقط، بل تجربة شعورية تُصيب المستمع في العمق، تُبكيه وتُحرّره في آن، إنها رسالة، وذكرى، وصلاة بصوت فنان يعرف كيف يحوّل الألم إلى فن، والغياب إلى حضور لا يُنسى.
