في مسلسل “النسيان”، ترتقي سيرين عبد النور بفنها التمثيلي إلى مستويات استثنائية، فتجسد شخصية ميا بكل تنوعاتها الإنسانية، بين الألم والصراع الداخلي، وبين لحظات الانكسار والبحث عن الأمل.
سيرين لا تكتفي بأداء المشهد، بل تغوص في أعماق الشخصية لتجعل المشاهد يعيش كل شعور حقيقيًا: التعب النفسي، الصراع مع المرض، ووقع الإدمان على الروح والجسد، كلها تُقدَّم بصدق يُشعرك وكأنك تشهد الحياة بعين من يعايشها. كل حركة، كل نظرة، وكل همسة منها تعكس الرهان على التفاصيل الدقيقة، والقدرة على إيصال المعنى دون أي تعبير مفتعل.
أبرز ما يميز هذا الدور هو لحظة عودة والدي ميا إليها، حيث تتحول المشاعر من ثقل الألم إلى دفء الانتماء العائلي، من فقدان الذات إلى استعادة الروح، فتظهر براعتها في نقل التحولات النفسية الدقيقة بعمق وإحساس متفرد. إنها لحظة يختزل فيها العمل كله: المعاناة، الصراع، الحب، والتجدد.
ما يجعل أداء سيرين مميزًا ليس فقط التقمص العاطفي للشخصية، بل القدرة على تحويل الألم إلى جمال درامي، والفقد إلى رحلة اكتشاف للذات. من خلال هذا الدور، تثبت عبد النور مرة أخرى أنها ليست مجرد ممثلة، بل فنانة قادرة على ترجمة أعقد المشاعر الإنسانية إلى تجربة سينمائية نابضة بالحياة.
في النهاية، يبقى دور ميا شهادة على إبداع سيرين في تقديم شخصيات تحمل الألم والصدق والحنين، ومع ذلك تظل قوية ومتألقة في مواجهة الحياة، لتترك بصمة لا تُمحى في ذاكرة المشاهد.