منذ انطلاقته الأولى، أثبت الممثل اللبناني طوني عيسى أنه ليس مجرّد وجهٍ وسيم على الشاشة، بل فنان يعرف كيف يمنح الدور من روحه، وكيف يترك في كل مشهد بصمة لا تُمحى.
مسيرته الفنية جاءت شاهدة على نضوجٍ متواصل، تتقاطع فيها الموهبة مع الاجتهاد، والعفوية مع الحرفية، فكان في كل مرة يطلّ فيها، أكثر حضوراً وتأثيراً.
منذ بداياته في الدراما، حين كان يؤدي الأدوار الثانية أو يشارك كبطلٍ مساند، كان واضحاً أن عيسى لا يسير بخطى عشوائية، بل بخطةٍ هادئة وواثقة نحو النجومية. ومع مرور السنوات، نضجت تجربته وتوسّعت خياراته، إلى أن قدّم أداءً لافتاً في مسلسل “الغالبون”، مجسّداً شخصية علي التي شكّلت منعطفاً حقيقياً في مسيرته، ونقلته من صفوف الأدوار الداعمة إلى مصافّ البطولة المطلقة.
ومن هناك، لم يتوقف التألق. فقد تابع طريقه عبر سلسلة من الأعمال التي عزّزت مكانته، مروراً بـ “2024” و”فرانكلين” و” صالون زهرة”، بأدوار حملت جرأةً وعمقاً، كاشفاً عن قدرته على الغوص في الشخصيات المركّبة والمعقّدة.
واليوم، يطلّ علينا بدور جديد في “سلمى”، مجسّداً شخصية عادل، الرجل الهادئ الذي يحمل في قلبه حباً كبيراً، وينتظر بصبر، على أن نراه قريباً في “بالحرام” خلال رمضان 2026.
أما في المسرح، فقد برهن طوني أن الفنان الحقيقي لا يكتمل إلا حين يواجه جمهوره وجهاً لوجه. في “كسر القالب”، جمع بين الأداء الدرامي والغناء الحيّ بحضورٍ طاغٍ، مؤكداً أن المسرح الغنائي أصعب من التمثيل التقليدي، لكنه بالنسبة إليه مساحة حرّة يختبر فيها صوته وطاقته وشغفه أمام الجمهور.
وفي “سلمى”، يقدّم عيسى واحدة من أكثر شخصياته إنسانية وصدقاً: عادل، العاشق من طرفٍ واحد، الذي يجمع في ملامحه بين الصديق والرفيق والسند. شخصية تحمل من اسمه معناها، فهو العادل في مشاعره، الصادق في عطائه، كما هو في حياته الواقعية. إلى جانب الممثلة السورية مرام علي، يصنع ثنائياً متناغماً، يجمع بين الكاريزما والتواصل العاطفي العميق، ما جعل من مشاهدهما معاً مساحة مليئة بالصدق والدفء.
الحبّ الذي يقدّمه طوني في هذا الدور ليس حبّاً تقليدياً، بل هو حالة نادرة من الإخلاص الهادئ، حين يحب الرجل دون أن يمتلك، ويعطي دون أن ينتظر. أمام امرأة أسيرة ماضيها، يبقى هو الصامد الرصين، المحبّ الذي أسر قلوب المشاهدين، وجعلهم يعيشون معه كل خفقة أملٍ بأن تكون النهاية له.
وإذا أردنا أن نختصر مسيرة طوني عيسى بكلمتين، فهما الاحتراف والإبداع، وسامته ليست مجرد سمة شكلية، بل جزء من حضورٍ متكامل يمنح كل عمل قيمة وجمالاً. أداؤه العميق يحمل دائماً نبضاً إنسانياً صادقاً، ويحوّل أي مشهد يشارك فيه إلى مساحة نابضة بالحقيقة.
اليوم، يقف عيسى في مكانة لا ينازعه عليها أحد، بطلٌ بكل معنى الكلمة، نضجت موهبته مع الزمن، وتزيّنت أعماله بالصدق والإتقان، لتبقى الشاشة الصغيرة أكثر إشراقاً بوجوده، لأنه ببساطة، يكفي أن يكون طوني عيسى حاضرًا في عملٍ ما، ليصبح أكثر تألقًا وروعة.
