حسن علاء الدين المعروف بـ شوشو، ممثل إشتهر بأدواره الكوميدية، عمل في المسرح والتلفزيون والإذاعة والسينما. حصد شهرة كبيرة من خلال عمله في المسرح الوطني، وكانت تعرض أعماله يومياً، والتي شارك فيها مجموعة من الممثلين، منهم مارسيل مارينا وآماليا أبي صالح وآمال عفيش وماجد أفيوني وهند طاهر وأحمد الزين وإبراهيم مرعشلي.
من مسرحيات شوشو نذكر “آخ يا بلدنا”، “خيمة كراكوز”، “شوشو بك في صوفر” و”كافيار وعدس”، بالإضافة إلى مسرحيات شوشو الخاصة بالأطفال.
وبمناسبة مرور خمسين عاماً على وفاة الممثل اللبناني حسن علاء الدين المعروف بـ شوشو، دعا مسرح مونو إلى أمسية تكريمية أطلق عليها اسم “شوشو بالكلمات”، وتضمنت طاولة مستديرة بعنوان “إرث شوشو اليوم”، أدارها الكاتب والباحث فارس يواكيم، بحضور فنانين عاصروا شوشو، وتولى قراءة مقاطع من مسرحيات شوشو الممثل أحمد الزين والممثلة ميراي بانوسيان، وقدّمت الحفل مديرة مسرح مونو جوزيان بولس، بحضور الناقد هنري الكيك.
إعتذرت عن الحضور الممثلتان آمال عفيش وسميرة بارودي بداعي المرض.
تميزت الأمسية بطابع وجداني، وأكدت أن كلمات شوشو ما زالت تنطبق على واقعنا الحالي، وتم عرض مقاطع من مسرحياته وأعماله.
المشاركون
الكاتب والباحث فارس يواكيم أثنى على موهبة شوشو، وعلى الإنجاز الذي حققه وهو المسرح اليومي، وهو ظاهرة فريدة لم تحصل سابقاً ولا لاحقاً. كانت أعماله تضم أسماء كبيرة شاركت في المسرحيات بصفة ضيوف، وكانت الضيفة الأولى المغنية والراقصة بديعة مصابني، والتي أقنعها شوشو بالعودة إلى المسرح بعد غياب دام 40 عاماً، والممثلتان المصريتان نيللي وهالة فاخر، والفنان اللبناني عصام رجي وغيرهم من المشاهير.
وكشف فارس يواكيم أن الكاتبة السورية غادة السمان، كتبت مقالاً ذكرت فيه أنها طلبت في يوم من الأيام من سائق التاكسي أن يوصلها إلى المسرح الوطني، فأجاب بأنه لا يعرف العنوان، وحين قالت له أوصلني عند شوشو، ضحك وأوصلها إلى المسرح. عن شوشو الإنسان تم عرض فيديو لشقيق زوجة شوشو الممثل والمخرج الإذاعي ناجي شامل، الذي وصفه بالإنسان الرقيق، وقال إن شوشو إستدان من المرابين ليؤسس المسرح، وهم لم يرحموه، وكان يزور الكاتب والممثل محمد شامل كل يوم إثنين ليشكي له همومه.
الناقد هنري الكيك أشاد بصوت شوشو الذي كان يتبدل وفق الشخصية التي يجسدها، وبقدرته على التنقل من صوت البريء إلى صوت الطفل إلى صوت الماكر.
الممثلة ميراي بانوسيان قرأت مقطعاً من إحدى مسرحيات شوشو، وقالت إنها شاركت في مسرحية للممثل الراحل خضر علاء الدين، إبن شوشو، وكانت فخورة بأداء دورها في المسرحية.
الممثل أحمد الزين وصف شوشو بالأخ والأب والصديق، وروى كيف بدأ بالتمثيل معه: “أحدهم قال لـ شوشو إن هناك “سعدان” أي شاطر بالتمثيل، فحضر شوشو إلى المسرح مع أعضاء فرقته ليحضر العمل الذي أقدمه، وفي نهاية العرض طلب من أحد المقربين منه، أن يعرض عليّ التوقيع على عرض عمل لثلاث سنوات. ومنذ ذلك الحين نشأت الزمالة والصداقة بيننا”.
موقع الفن إلتقى فارس يواكيم وجوزيان بولس، وكان لنا هذان الحواران.
فارس يواكيم
فارس يواكيم كاتب مسرحي وسينمائي لبناني وباحث وصحافي يملك ثقافة واسعة. برع في مجالات إبداعية متعددة، من الكتابة المسرحية والتلفزيونية والسينمائية إلى الكتابة الإذاعية والأدب والترجمة. ضليع باللغات العربية والفرنسية والألمانية. ولد في مصر، وتخرج من قسم الإخراج بالمعهد العالي. في رصيده أهم البرامج في تلفزيون لبنان، وثلاث مسرحيات للشحرورة صباح، بالإضافة إلى كتابته كلمات الأغاني التي تضمنتها المسرحيات، وحوالى 12 مسرحية لـ شوشو. أقوى البرامج في تلفزيون لبنان في عصره الذهبي تحمل توقيعه، منها برنامج الإعلامية المصرية ليلى رستم “سهرة مع الماضي”. كتب أعمالاً مسرحية مهمة منها “كرامبول” و”الشلمصطي”. وفي السينما ألف قصص أفلام عديدة وكتب السيناريو والحوار، من بين أفلامه “سيدتي الجميلة” بطولة الممثلين نيللي ومحمود ياسين والعازف والممثل عمر خورشيد. غاص فارس يواكيم أيضاً في عالم الأطفال، فقدّم لهم أجمل الأعمال، أشهرها “افتح يا سمسم”، الذي تربّت عليه أجيال عربية. أصدر مؤخراً كتاباً يضم مسرحيات لـ شوشو، وقريباً سيصدر كتاباً عن شوشو.
المسرحيات التي كتبتها لـ شوشو تتضمن نقداً لاذعاً للدولة
مسرح شوشو كان مسرحاً شعبياً يعبّر عن أحوال الناس وهمومهم، وأبرز الأعمال التي كتبتها “خيمة كراكوز” و”آخ يا بلدنا”. في البداية كانت مسرحياته كوميدية بإمتياز للكتابين موليير ومارسيل بانيول. ما قاله شوشو عام 1973 في أغنية “آخ يا بلدنا” هو فكرتي وكتابة الشاعر ميشال طعمة، وينطبق محتواها على وضعنا الحالي الذي لم يتبدل، والأغنية الأقل شهرة في مسرحية “خيمة كراكوز” أنا كتبت كلماتها ولحّنها بول مطر، ومع الأسف “خيمة كراكوز” لم تنل حقها لأن الرقابة كانت مشددة. الرقابة صادرت أسطوانات “شحادين يا بلدنا”، لكنها سمحت بعرضها على المسرح. في مسرحية “خيمة كراكوز” هناك أغنية أخرى “بهالبلد يا ما في ناس” تمت مصادرتها، ومُنعت المسرحية من العرض، ولهذا السبب لم تحصد نجاحاً مثل أغنية “أخ يا بلدنا”.
خصّ فارس يواكيم موقع الفن بالمونولوج الأخير من مسرحية “آخ يا بلدنا”
هذه فقرة من المونولوج الأخير في مسرحية “آخ يا بلدنا”: “أنتم الحرامية الصغار عصركم انتهى.. أنتم يا نشالين القروش ما بقى إلكم دور.. جاييكم شركات بضهرها مؤسسات بضهرها بورصات بضهرها سفارات.. بضهرها ما بعرف شو.. إنتو يا حرامية القروش رح يدعسوكم حرامية الملايين.. إنتو بتسرقوا ت يشبعوا ولادكم.. هني كل ما سرقوا بيجوعوا أكتر.. وإنتو يا شحادين يا زغار.. عم يرمولكم كم قرش ت تسكتوا.. بعدما مصّوا دمكم عم يمتصّوا غضبكم..”.
ما هي الأزمات الصحية التي عانى منها شوشو قبل وفاته؟
كان يعاني مثل زياد الرحباني من عوارض القولون، وكان يصاب بنوبات ألم قوية، وأحياناً كان يبكي في الكواليس من شدة الوجع. كان يدخن 3 أو 4 علب سجائر في اليوم، ويشرب 30 فنجان قهوة يومياً، ما أدى إلى إضعاف قلبه، وقد توفي عن عمر 36 عاماً، وكان عمره 26 عاماً حين أسس المسرح اليومي، لذا هو ظاهرة لا تتكرر.
صحيح أن شوشو كان جباراً على المسرح وضعيفاً أمام الكاميرا؟
لم يكن ضعيفاً أمام الكاميرا بالمعنى الصحيح، لكن بريقه كان يخفت أمام الكاميرا، والسبب هو غياب الجمهور الذي يتفاعل معه، هو ممثل “يسلطن” على المسرح.
ماذا عن مسرح الأطفال الذي أسسه؟
كان يعرض مسرحيات الأطفال في نهاية الأسبوع، عرض خمس مسرحيات قبل أن تندلع الحرب اللبنانية. ثلاث مسرحيات كتبها محمد شامل، وإثنتان كتبتهما أنا. إثنتان من إخراج برج فازليان، وإثنتان من إخراجي، والخامسة أخرجها شوشو. وكان يشارك بالتمثيل في مسرح الأطفال ممثلون أصبحوا أبطال مسلسلات في التلفزيون، وكان الضحك يضج في الصالة إلى حد كبير، لأن شكل شوشو طريف وشاربيه كبيران. وما كان مميزاً هو إشراك الأطفال في العمل المسرحي بشكل طريف، أصبح الأطفال يشاركون بالعمل من خلال ردود أفعالهم وتعليقاتهم.
جوزيان بولس
ماذا تعني لكِ ذكرى 50 عاماً على وفاة شوشو؟
تفاجأت من مرور كل هذه السنوات على وفاته. شوشو ليس فناناً عادياً، هو فتح باب المسرح الكوميدي، وكما ذكر فارس يواكيم والجميع أن المسرح الكوميدي هو الذي يجذب الجمهور، وقد نستخف بأهميته في العالم العربي، لكنه هو الذي يوصل الرسائل أكثر من المسرح الجدّي. أفتخر بكل الممثلين الذين شاركوا في المسرح الكوميدي، وأتمنى أن نعيد إنتاج مسرحيات شوشو مع نخبة كبيرة من الممثلين الجدد، كما أتمنى أن تكون هناك أعمال تكرّم شوشو، لأننا ننسى تاريخنا ونكرر الأخطاء، لذا علينا أن نتذكر الماضي كي نستطيع أن نبني المستقبل. يُذكر أن فارس يواكيم أصدر كتاباً عن مسرحيات شوشو.
ما تعليقكِ على تمنّع وزارة الثقافة عن دعم فريق عمل مسرحية “باراديسكو” للمشاركة في مهرجان قرطاج؟
يجب أن تخصص وزارة الثقافة حصة لإخراج الأعمال الفنية خارج لبنان، ليكتشف العالم ما هو المسرح اللبناني. مع إحترامي للمسرح العربي، ما زال المسرح اللبناني مختلفاً. ذهبت إلى مهرجان بغداد ومهرجان تونس ولاحظت الفرق، والمسرح اللبناني متقدم بالنسبة للمسرح العربي.
يذكر أن مسرحية باراديسكو للكاتب والممثل والمخرج سامر حنا ترشحت للمشاركة في مهرجان قرطاج في تونس، والمؤسف أن فريق العمل لم يحظَ بأي دعم لنفقات السفر والإقامة.
ما الكلمة التي توجهينها إلى وزير الثقافة غسان سلامة؟
كلمة واحدة فقط “ساعدنا”، وأتمنى عليه إيجاد موارد كما نحن نفعل بطرقنا الخاصة لإيجاد الأموال، ويمكن إيجاد حلول، وإذا أردنا نستطيع.
ميراي بانوسيان
ماذا تعني لكِ ذكرى مرور 50 عاماً على وفاة شوشو؟
ذكرى الـ 50 عاماً على وفاة شوشو تدفعنا إلى عدم نسيان ممثل بهذا الحجم وهذه الجرأة. كان يعبّر عن هموم الناس، ومسرحه شعبي ووطني بإمتياز. شوشو آمن بالمسرح وحارب من أجله، ودخل إلى السجن بسسب جرأته. تكريمه مناسبة مهمة جداً بالنسبة لي لأنه مثال. المسرح منذ بدايته هو ثورة للشعوب، ونحن بحاجة إلى مسرح مشابه لمسرح شوشو، وذكرى رحيله تعني أن المسرح لا يموت، ويجب أن يستمر بنبض المدينة ونبض البلد، وأن يكون توعوياً ويطرح علامات إستفهام عن مصير البلد. لا بد من التنويه بالنصوص الغنية والعديدة التي كتبها أستاذ فارس يواكيم.
كيف تقيّمين مشاركتكِ في التمثيل بمسرحية “آخ يا بلدنا” التي أعاد تقديمها إبن شوشو الممثل الراحل خضر علاء الدين؟
حين شاركت بمسرحية “آخ يا بلدنا” مع إبن شوشو خضر علاء الدين خلال السنة الثانية من دراستي الجامعية مع تقلا شمعون ورندة كعدي وكلير داغر وشربل خليل وبرونو جعارة، كنا مجموعة كبيرة من التلامذة الجامعيين، وكانت خبرة جديدة، وكانت أول مسرحية أشارك فيها، وكانت سعادتي يرافقها القلق من تقبّل الجمهور لموهبتي. كانت تجربة رائعة، وبداية للتعرف على الممثلين الذين حضروا ليلة الإفتتاح، منهم فيليب عقيقي وإيلي صنيفر وإبرهيم مرعشلي وروجيه عساف، ويومها إكتشفت أن مكاني وعالمي هما المسرح.
ما هي الدروس التي تنقلينها إلى تلامذتكِ عن مسرح شوشو؟
شوشو كان حقيقياً ويملك كل القدرات والكاريزما والحضور القوي، وحين يؤدي الممثل دوره بصدق ينجح، إلى حد أن المسرح الوطني بات يُعرف باسم مسرح شوشو. أعلم تلامذتي عفوية شوشو وتلقائيته، والليونة في حركة جسده والتحكم بصوته والاحساس العالي الذي يملكه.
