بعد أكثر من 100 عام من التساؤلات، تمكّن علماء الآثار أخيرًا من كشف هوية الشخصية الغامضة المدفونة في قبر ملكي قرب مدينة تانيس (صان الحجر حالياً) شمال شرق دلتا النيل، وهو الموقع الذي ظلّ يحيّر الباحثين منذ اكتشافه عام 1939 على يد عالم المصريات الفرنسي بيير مونتيه.
كان القبر يقع وسط مقبرة ملكية تعود لعصر الأسر المتأخرة، وضم مجموعة من المدافن لملوك معروفين، باستثناء قبر واحد لم تُحدد هوية صاحبه. التابوت الفخم، المحاط بزخارف مهيبة وقطع أثرية مميزة، دلّ على أن صاحبه شخصية “رفيعة المكانة”، لكن غياب النقوش الواضحة حال دون حسم هويته.
الأغرب أن التابوت دُفن في مقبرة أوسوركون الثاني، أحد ملوك الأسرة الثانية والعشرين، وهو أمر أربك الفريق العلمي، وجعل القبر لغزًا أثريًا معلقًا لعقود.
اللغز لم يُحل سوى مؤخرًا، وبالصدفة، عندما أعاد فريق بحثي تحليل القطع المكتشفة وربطها بسجلات تاريخية، ما قادهم إلى أن المدفون على الأرجح هو الملك سي آمون، أحد أبرز ملوك الأسرة الحادية والعشرين، والذي حكم مصر في فترة مضطربة سياسياً. ويبدو أن القبر أُعيد استخدامه لاحقاً بسبب ظروف استثنائية مثل الأزمات السياسية أو الكوارث البيئية.
هذا الاكتشاف لا يحسم فقط هوية المدفون، بل يسلّط الضوء على مدينة تانيس كعاصمة فرعونية مهمة أهملها العلماء طويلاً لصالح مواقع منها الأقصر ووادي الملوك، رغم أنها كانت مركز الحكم لنحو أربعة قرون.
