في دراسة رائدة نُشرت في مجلة “Nature”، تمكّن العلماء من تتبّع الجذور الخلوية للحاجة الحيوية للنوم، مستخدمين تقنيات متقدمة في تسلسل الخلايا المفردة والتصوير العصبي الدقيق لخلايا الدماغ المسؤولة عن تنظيم النوم.
النتائج كشفت رابطًا مباشرًا بين “الضغط للنوم” وبين تغيّرات تطرأ على الميتوكوندريا، وهي البُنى المسؤولة عن إنتاج الطاقة داخل الخلايا العصبية.
بعبارة أخرى، الحاجة للنوم ليست مجرّد شعور غامض بالتعب، بل استجابة مباشرة لإجهاد تتعرض له الميتوكوندريا أثناء اليقظة.
فعندما نظل مستيقظين، تبدأ الإلكترونات الزائدة بالتراكم داخل الميتوكوندريا، ما يؤدي إلى إنتاج جزيئات ضارة ناتجة عن الأكسدة، وهنا يأتي دور النوم: فترة ضرورية لإعادة التوازن، وتصحيح هذا الخلل، واستعادة وظيفة الميتوكوندريا بشكل سليم.
تكمن أهمية هذا الاكتشاف في أنه يعيد تعريف النوم من كونه مجرد راحة جسدية أو فرصة لتقوية الذاكرة، إلى كونه جزءًا أساسيًا من عملية التمثيل الغذائي في الجسم، أي من أكثر العمليات الحيوية بدائية وأساسية في الكائن الحي.
الخلاصة اللافتة لهذا البحث أن النوم قد لا يكون خيارًا أو ترفًا، بل “ضريبة حتمية على الحياة”، فكما أن الأيض (الميتابوليزم) ضروري للبقاء، إلا أنه يُنتج بنفسه الضغط الذي يجعل النوم ضرورة لا مفر منها.
لذا، فإن حماية نومك لا تعني فقط الحفاظ على التركيز أو النشاط، بل الحفاظ على صحة دماغك وآلياته الحيوية مدى الحياة.