لأول مرة، تمكّن العلماء من تحديد أنواع الخلايا العصبية التي يطرأ عليها التغيير في حالات الاكتئاب، في خطوة تُعدّ اختراقًا علميًا هامًا لفهم الأسس البيولوجية لأحد أكثر الاضطرابات النفسية انتشارًا في العالم.
فريق بحثي من جامعة ماكغيل ومعهد دوغلاس في كندا استخدم عينات من أدمغة أُخذت بعد الوفاة، إلى جانب أدوات جينية متطوّرة، لتحديد نوعين من الخلايا يظهر عليهما تغيّر ملحوظ في نشاط الجينات لدى المصابين بالاكتئاب: الخلايا العصبية المثيرة (Excitatory neurons) التي تلعب دورًا أساسيًا في تنظيم المزاج والتعامل مع التوتر، وخلايا “الميكروغليا” (Microglia) المسؤولة عن إدارة الالتهابات داخل الدماغ.
هذه النتائج تؤكد أن الاكتئاب ليس مجرد اضطراب عاطفي، بل يرتبط بتغيرات قابلة للقياس على مستوى الخلايا.
وقد اعتمدت الدراسة على تحليل أكثر من 100 عيّنة دماغية تم التبرع بها، ما وفّر رؤية غير مسبوقة للآليات الجينية والوراثية المرتبطة بالاكتئاب. ومن خلال رسم خريطة لكيفية تنظيم الحمض النووي (DNA) داخل كل خلية دماغية، اكتشف الباحثون أنماطًا يمكن أن تساهم مستقبلاً في تطوير علاجات أكثر دقة واستهدافًا.
هذا البحث يُعيد تعريف النظرة إلى الاكتئاب، إذ يتحدى المفهوم التقليدي القائل بأنه مجرد حالة نفسية، ويفتح الباب أمام علاجات تستهدف الخلل الوظيفي في الخلايا نفسها.
وكما أوضح الدكتور غوستافو توريسكي، المؤلف الرئيسي للدراسة، فإن الخطوة التالية ستكون فهم تأثير هذه التغيرات على أداء الدماغ، ثم اختبار تدخّلات علاجية قد تساعد في عكس أو تخفيف آثارها.