في تسعينيات القرن الماضي، شهد عالم الجمال مرحلة استثنائية، تميّز فيها المكياج بدور يتجاوز كونه وسيلة لتحسين المظهر الخارجي.
آنذاك، ارتبطت مستحضرات التجميل بالهوية الفردية وبالسعي نحو التفرّد، في زمن كانت فيه تجربة الاكتشاف بطيئة لكنها أكثر عمقاً من الناحية العاطفية. ما سرّ الحنين المتزايد إلى تلك الفترة؟
ندرة الماضي وسحر الاكتشاف
في التسعينيات، لم تكن المنتجات التجميلية متوفرة بكثرة كما هي اليوم. كان الحصول على مستحضر جديد أشبه بالعثور على كنز، مما أضفى على التجربة طابعاً خاصاً ومميزاً. هذه الندرة منحت المستحضرات قيمة وجدانية، فتحوّلت إلى أدوات للتعبير عن الذات، لا مجرد سلع تُستهلك وتُستبدل بسهولة.
المشهد الرقمي وتغيّر العلاقة مع الجمال
مع تطور العالم الرقمي وانتشار منصات التواصل الاجتماعي، تسارعت صناعة التجميل وأصبحت مدفوعة بالصورة والصيحات العابرة. تكرار الإصدارات وتنوّع الخيارات أفقد المستهلك عنصر الدهشة، وجعل العلاقة مع المكياج أكثر سطحية وأقل ارتباطاً بالتجربة الشخصية والعاطفية التي كانت سائدة في الماضي.
العودة إلى الجذور: حنين إلى البساطة والمعنى
الإقبال المعاصر على صيحات التسعينيات لا يُعزى فقط إلى الجماليات البصرية لتلك الحقبة، بل إلى الرغبة في استعادة تجربة أصيلة ومليئة بالمعنى. اختيار إطلالات طبيعية وبسيطة يعكس توقاً إلى زمن كان فيه الجمال أكثر قرباً من الذات، وأقل خضوعاً للمعايير الجماعية أو إملاءات الترندات.
المكياج كتجربة لا تُنسى
لم يكن المكياج في التسعينيات مجرّد موضة عابرة، بل تجربة متكاملة تعلّقت بمفاهيم الانتظار، والاكتشاف، والتفرّد. ورغم أن العصر الحالي يُقدّم وفرة من الخيارات والإبداعات، فإن الجانب العاطفي المرتبط بالمستحضرات قد تراجع. لعل الحنين إلى تلك الفترة ينبع من الرغبة في استعادة تجربة حقيقية ومليئة بالمشاعر، حيث كانت أدوات التجميل جزءاً من رحلة ذاتية صادقة لا مجرد انعكاس لصورة مثالية على الشاشة.