منذ آلاف السنين، شكّل التكريم علامة فارقة في مسيرة الفنان، ليس فقط كتقدير لإنجازاته، بل كوسيلة لحفظ اسمه في ذاكرة الشعوب. ومع تطور الفن وانتشاره عالميًا، تحوّلت التكريمات إلى محطات رسمية تحتفي بالتميّز وتمنح أصحاب المواهب فرصة التألق على منصّات محلية وعالمية، تُسلّط الضوء على من يستحق.
بداية تاريخ التكريمات الفنية
يعود تاريخ التكريمات الفنية إلى آلاف السنين، حين كانت الحضارات القديمة كالمصرية واليونانية والرومانية تُولي أهمية كبيرة للفن والمبدعين. في تلك الحقبات، لم تكن الجوائز مجرد احتفالات، بل كانت تعبيرًا رمزيًا عن التقدير، حيث يُمنح الفنانون أكاليل من الغار أو تماثيل صغيرة تكريمًا لموهبتهم ومكانتهم.
ومع تطور الفن وتوسع حضوره في الحياة العامة، تطوّرت أيضًا أشكال التكريم، إلى أن ظهرت في العصر الحديث الجوائز الرسمية، مثل “الأوسكار” التي انطلقت عام 1929، لتصبح علامة فارقة في تاريخ السينما. ومنذ ذلك الحين، تحوّلت التكريمات إلى منصّات عالمية تسلّط الضوء على الإبداع وتُكرّس احترام وتقدير المجتمع لمواهبهم.
أول فنان تكرّم
لا يوجد توثيق دقيق لأوّل فنان تم تكريمه في التاريخ، إلا أن النجم العالمي تشارلي تشابلن يُعد من أوائل الممثلين الذين نالوا تكريمًا رسميًا دوليًا في عالم السينما، خصوصًا مع منحه جائزة أوسكار فخرية عام 1929 عن مجمل أعماله، والتي شكّلت لحظة رمزية في بدايات التكريمات السينمائية. أما في العالم العربي، فيعتبر الفنان المصري عبد الحليم حافظ من أبرز أوائل الفنانين الذين نالوا تكريمات رسمية وجماهيرية واسعة، سواء عبر الجوائز أو الحفاوة التي لقيها في مختلف الدول العربية.
أهمية ورمزية التكريمات
يحمل التكريم في عالم الفن رمزية كبيرة تتجاوز مجرد درع أو شهادة، فهو تعبير عميق عن تقدير المجتمع لإنجازات الفنان وإبداعه. وعندما يُكرَّم فنان، فإنه لا يُكافأ فقط على ما قدمه، بل يُشجَّع على الاستمرار في الفن. يُعدّ التكريم أيضًا وسيلة لحفظ تاريخ الفنان ومسيرته، ليبقى أثره حاضراً في ذاكرة الأجيال القادمة. ومن خلاله، يظهر مدى تأثير الفنان في مجاله ومجتمعه، وكيف استطاع أن يترك بصمة لا تُنسى في قلوب الجمهور.
أبرز التكريمات الفنية على مستوى العالم
تتعدّد المهرجانات والجوائز العالمية التي تُقام سنويًا لتكريم أبرز النجوم وصنّاع الإبداع من مختلف الجنسيات، نذكر منها:
- جوائز الأوسكار (Academy Awards) – الولايات المتحدة: انطلق عام 1929، ويعتبر من أرفع الجوائز السينمائية عالميًا، وتمنحها الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم السينمائية. وقد كرم هذا المهرجان نخبة من الفنانين منهم: ميريل ستريب، مارلون براندو، أودري هيبورن، ليوناردو دي كابريو، جينيفر لورانس، بري دانايل كالويا وغيرهم.
- مهرجان كان السينمائي – فرنسا: تأسس عام 1946، ويقام سنويًا في مدينة كان الفرنسية. يعد أحد أعرق المهرجانات السينمائية، يكرّم أبرز المخرجين والممثلين عبر جائزة السعفة الذهبية ومن أبرز المكرمين: صوفيا لورين، إنغمار برغمان، ألفريد هيتشكوك، جوليا دوكورنو، تيموثي شالاميه، كرستين ستيوارت.
- جوائز الغرامي (Grammy Awards) – الولايات المتحدة: تأسست عام 1959، وتُنظمها الأكاديمية الوطنية لتسجيل الفنون والعلوم، ويعد الأهم في مجال الموسيقى، وتكرم الفنانين عن إنجازاتهم في التسجيلات والأداء.
من أبرز المكرمين في هذا المهرجان: مايكل جاكسون، ويتني هيوستن، تينا ترنر، بيونسيه، تايلور سويفت، بيلي إيليش. - جوائز البافتا (BAFTA) – المملكة المتحدة: تأسس عام 1947، تمنحها الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون، وتعتبر مكافئًا بريطانيًا للأوسكار. ومن المكرمين: جولي أندروز، لورنس أوليفييه، فلورنس بيو، بينيديكت كامبرباتش، تيلدا سوينتون.
- مهرجان البندقية السينمائي – إيطاليا: تأسس عام 1932، ويُعد أقدم مهرجان سينمائي في العالم، وتُعدّ جائزة “الأسد الذهبي” من أرفع الجوائز فيه. ومن أبرز المكرمين فيه: فيديريكو فيليني، صوفيا لورين، كيت بلانشيت، إيما ستون، لوكا غوادانينو.
أبرز التكريمات الفنية في العالم العربي
لا تقلّ الساحة الفنية العربية أهمية عن العالمية، إذ تحتضن بدورها مهرجانات وجوائز تشكّل منصات تقدير واعتراف بجهود الفنانين في مجالات السينما، الدراما، والغناء. ومن أبرز التكريمات الفنية في العالم العربي:
- مهرجان القاهرة السينمائي الدولي – مصر: تأسس عام 1976، ويُعدّ أقدم وأبرز مهرجان سينمائي في المنطقة العربية، وواحدًا من بين 15 مهرجانًا حول العالم معتمدًا من الاتحاد الدولي للمنتجين (FIAPF). ومن أبرز المكرّمين: فاتن حمامة، يوسف شاهين، يسرا، منى زكي، أحمد حلمي، هند صبري.
- مهرجان دبي السينمائي الدولي – الإمارات: تأسس عام 2004 (وتوقف منذ 2018 مؤقتًا). ساهم في دعم السينما العربية والخليجية واستقطاب نجوم عالميين وعرب. و أبرز المكرّمين: حياة الفهد، يسرا، نادين لبكي، جيهان فاضل، عمر الشريف وغيرهم.
- جائزة الموريكس دور – لبنان: تأسست عام 2000، وتكرم أبرز نجوم الفن والدراما والموسيقى في العالم العربي، وتُعد من الجوائز ذات البعد الإعلامي الواسع. من أبرز المكرمين: وائل كفوري، نانسي عجرم، نادين نسيب نجيم، قصي خولي، ماجدة الرومي ميريام فارس، وغيرهم.
- مهرجان الزمن الجميل في لبنان: أسسه الدكتور هراتش سغبزاريان وهدفه تكريم النجوم الذي سطعوا خلال الزمن الجميل والذين قد يكونوا قد اختفوا عن الساحة الفنية او لا زالوا يقدمون اعمالاً. من أبرز المكرمين: دريد لحام، أيمن زيدان، نادية الجندي، لبلبة ، عايدة رياض، وفاء موصللي، شهيرة، نقولا دانيال، رندة حشمي، جناح فاخوري، سمارة نهرا وغيرهم..
-
مهرجان قرطاج السينمائي – تونس: تأسس عام 1966، ويعد من أقدم المهرجانات العربية والإفريقية، يُركز على دعم السينما العربية والإفريقية، ويمنح جائزة “التانيت الذهبي”. ومن أبرز المكرمين: فريد بوغدير، هند صبري، درة، كلثوم بورقيبة،وغيرهم.
-
كريمات رمزية وطنية: تقوم عدة دول عربية بمنح تكريمات استثنائية لرموزها الفنية تكريمًا لمسيرتهم.
في لبنان: تم تكريم السيدة فيروز مرارًا كأيقونة وطنية
في مصر: أم كلثوم حازت على أوسمة وجوائز من رؤساء الجمهورية
في المغرب والجزائر: تم تكريم الشاب خالد، وسميرة سعيد، ومحمد حسن الجندي