في مقدمة المشهد الدرامي لموسم 2025، برز مسلسل “220 يوم” كأحد أبرز الأعمال التي أثارت اهتمام الجمهور، ليس فقط بسبب فكرته، بل بفضل قوة الشخصيات التي حملت على عاتقها القصة.
البطولة جاءت لــ كريم فهمي الذي قدّم دور “أحمد”، الكاتب الذي يكتشف إصابته بورم خطير في المخ ويجد نفسه في سباق مع الزمن بين الموت الذي يلوّح له والطفلة التي ينتظر قدومها، أداؤه كان صادقًا، نقل لحظات الانكسار والقوة بملامح وجهه قبل كلماته، وجعل المشاهد يعيش تفاصيل صراعه الداخلي.
إلى جانبه، أبدعت صبا مبارك في شخصية “مريم”، الزوجة التي تتأرجح بين خوفها على شريك عمرها وفرحتها بطفلتها الأولى، فجعلت الشخصية مزيجًا من الحنان والصلابة في آن واحد.
تقلا شمعون في دور محوري ، الأم التي وقعت في مصيدة “التعاطي” ومنعها زوجها من رؤية إبنتها ، لتعود وتلتقي بها وتساندها في محنتها بفض كريم فهمي، تمثيل صادق، عبارات هادفة ودور جميل جداً.
إضافة إلى الشخصيات الأخر كحنان سليمان وعايدة رياض حيث أضافتا عمقًا عائليًا وأبعادًا إنسانية جعلت الدراما أكثر قربًا من المتلقي.
إخراج العمل حمل توقيع كريم العدل، الذي قدّم رؤية بصرية متوازنة بين المأساة والإنسانية، اعتمد على لغة الكاميرا لتقترب من الوجوه في لحظات الخوف، ولتترك للمشاهد مساحة للتأمل في تفاصيل دقيقة قد لا تقولها الكلمات، الإضاءة جاءت بدورها معبّرة، إذ حمل الليل دلالات القلق الموحش، بينما مثّلت صباحات مشرقة إشارات للأمل وتجدد الحياة، كما حافظ على إيقاع متماسك جعل المشاهد في حالة ترقّب دائم حتى المشهد الأخير.
أما الفكرة فكانت بقلم الكاتب محمود زهران، الذي اختار أن يغوص في مساحة إنسانية شديدة الحساسية .. 220 يومًا بين احتمال الموت وولادة حياة جديدة.
النص انطلق من معاناة فردية ليعكس أسئلة عن الوجود، وصراع الإنسان مع المصير، وكيف يمكن للحب والأمل أن يصبحا وقودًا لمواجهة أقسى لحظات الحياة، لقد نجح زهران في أن يقدّم قصة رومانسية بملامح فلسفية، تتجاوز حدود الحكاية المباشرة لتلامس أعماق المشاهد.
ولا يمكن الحديث عن هذا العمل من دون التوقف عند بصمة المنتج صادق الصبّاح، الذي أثبت مرّة جديدة التزامه بتقديم دراما عربية راقية ومؤثرة. فقد انعكس جهده الواضح في الإنتاج على جميع تفاصيل العمل، من قوة النص وجودة الصورة إلى اختيار مواقع التصوير والعناية بأدق العناصر التقنية. هذا الحرص منح المشاهد تجربة درامية مكثفة ومختلفة، تؤكد أنه شريك حقيقي في صياغة حكاية إنسانية وفنية تبقى عالقة في الذاكرة.
ومع نهاية مفتوحة أثارت جدلاً واسعًا بين المشاهدين، ترك “220 يوم” بصمته كعمل درامي مختلف، يجمع بين أداء تمثيلي لافت، وإخراج متقن، وطرح فكري يفتح الباب على مصراعيه لتأملات لا تنتهي حول الحب والموت والأمل.