في فيلمه الجديد One Battle After Another، يعود المخرج الأميركي بول توماس أندرسون بقوة ليتصدر المشهد السينمائي العالمي، مؤكدًا مكانته كأحد أبرز المخرجين الذين يملكون مشروعًا بصريًا وفكريًا متماسكًا.
الفيلم الذي يشكل نقلة نوعية جديدة في مسيرته، يستند إلى رواية Vineland للروائي الأميركي توماس بينشون، ليعيد أندرسون توظيفها ضمن سياق زمني متقدم، ينقلنا من ثمانينيات رونالد ريغان إلى أميركا دونالد ترمب، حيث الصراع العنصري، وتفكك الحلم الأميركي، واشتباك الماضي بالحاضر.
الفيلم يستعرض قصة مثيرة تجمع بين السياسة، الجنس، العائلة، والتاريخ، ضمن قالب درامي متصاعد لا يهدأ. شخصياته، كالعادة، مضطربة، متمردة، وهاربة من ماضٍ يطاردها.
ليوناردو دي كابريو في واحد من أقوى أدواره، يجسد شخصية “بات”، الثوري السابق المتورط في علاقة ملتهبة مع قائدة جماعة مسلحة، بينما تقدم تيانا تايلور أداءً جريئًا بشخصية “بريفيدا”، يقابلها أداء مخيف وعبقري من شون بين في دور الكولونيل العنصري.
السيناريو مليء بالتحولات، والمواجهات النفسية والجسدية، والمشهدية العالية، خصوصًا في لقطات المطاردة والمجابهة في الجبال، أما الطابع البصري والصوتي، فهو كالمعتاد مع أندرسون، مزيج من التوتر والغموض والجمال الخشن.
One Battle After Another ليس مجرد فيلم، بل مواجهة مفتوحة مع جينات المجتمع الأميركي المعاصر، يُذكّرنا بأن الماضي لا يموت، بل يعيد تشكيل الحاضر بوحشية.
إنها عودة أندرسون الكبيرة، بفيلم غني بالسرد، حاد بالرسائل، ومبهر في كل تفاصيله.