مع انعقاد فعاليات أديبك 2025 لليوم الثالث (الأربعاء)، تتجه الأنظار نحو المشهد الطاقي العالمي الذي يشهد تحولات متسارعة، حيث لم يعد الحديث عن الطاقة محصورًا بمصدر واحد، بل أصبح النقاش يركز على توازن استراتيجي بين النفط والغاز والطاقة المتجددة، مع مراعاة الاحتياجات الاقتصادية والبيئية على حد سواء.
في هذا الإطار، تقدم د. كارول نخلة، الرئيسة التنفيذية لشركة Crystal Energy، خلال حديثها الى برنامج بزنس مع لبنى على سكاي نيوز عربية رؤية واضحة حول مستقبل الطاقة والكهرباء، وتسلط الضوء على تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على الطلب العالمي، إضافة إلى توقعاتها حول أسواق النفط والتحديات الجيوسياسية التي تشكل خريطة الطاقة العالمية في السنوات المقبلة.
أكدت د. كارول نخلة، خلال مداخلتها أن العام الحالي شهد تحولًا ملحوظًا في طبيعة النقاشات حول مستقبل الطاقة، مشيرة إلى أن الحوار أصبح أكثر توازنًا مقارنة بالسنوات السابقة، حيث لم يعد التركيز منصبًا على مصدر واحد للطاقة مثل الهيدروجين أو الطاقة المتجددة، بل أصبح هناك وعي متزايد بضرورة الاستفادة من كافة مصادر الطاقة لضمان الانتقال التدريجي والواقعي نحو مستقبل منخفض الانبعاثات.
وقالت نخلة: «اصبح هنالك إعادة في النظر بالتركيز على كل مصادر الطاقة وليس فقط على مصدر واحد، حتى النفط والغاز لهم موقع أساسي في النقاشات الحالية، ولكن أصبح هناك نظرة أكثر واقعية للمستقبل مقارنة بما كنا نسمعه قبل سنة أو سنتين». وأضافت أن الانتقال المفاجئ من الاعتماد على الوقود الأحفوري، الذي يمثل أكثر من 80 بالمئة من الطاقة الأولية عالميًا، إلى الاعتماد الكامل على مصادر متجددة غير ممكن تاريخيًا أو عمليًا خلال فترة قصيرة.
نمو الطلب على الكهرباء في الأسواق العالمية
واستعرضت نخلة حجم الطلب المتوقع على الكهرباء مع نمو الاقتصاد العالمي، مشيرة إلى أن بعض المناطق، خصوصًا في إفريقيا، لا تزال مستويات استهلاك الكهرباء فيها منخفضة مقارنة بالحاجة الفعلية، ولكن النمو الاقتصادي سيصاحبه زيادة في الطلب على الكهرباء. وأوضحت أن التطورات التكنولوجية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، ستزيد استهلاك الكهرباء بشكل كبير، لكنها في الوقت ذاته توفر فعالية أكبر في استهلاك الطاقة، مما قد يقلل من الضغط على شبكات الكهرباء إذا تم استغلال هذه التكنولوجيا بشكل أمثل.
وأكدت نخلة أن الكهرباء يمكن توليدها من جميع المصادر المتاحة، سواء النفط، الغاز الطبيعي، الفحم، الطاقة النووية أو المتجددة، لكن التحدي الأساسي يكمن في زيادة الإنتاج الكهربائي دون زيادة الانبعاثات الكربونية، مشيرة إلى أن التحول من الفحم إلى الغاز الطبيعي يمكن أن يقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل ملموس.
الذكاء الاصطناعي يفتح مستقبل مشرق لقطاع الطاقة
آفاق أسعار النفط والتحديات الجيوسياسية
وفيما يخص أسعار النفط، أوضحت نخلة أن التوقعات تبقى محدودة الأمد وصعبة التحديد، مشيرة إلى أن الأسعار حاليًا مستقرة نسبيًا مقارنة بالعام الجاري، حيث أشار البعض إلى إمكانية وصول الأسعار إلى 50 دولارًا للبرميل. وقالت إن هذا المستوى يعكس فائضًا في المعروض مقارنة بالنمو المتوقع في الطلب، موضحة أن 60–65 دولارًا للبرميل لا يعتبر انخفاضًا كبيرًا في ظل هذه الظروف.
وعن السنة المقبلة، 2026، أشارت نخلة إلى اختلاف التوقعات بين المؤسسات، ففي حين تشير أوبك إلى نمو سليم في الطلب، تتوقع وكالة الطاقة الدولية سيناريو مختلفًا يتضمن زيادة كبيرة في الصرف والاستهلاك. وأضافت أن الأحداث الجيوسياسية لم تعد بنفس الثقل السابق على الأسواق، خصوصًا مع وجود فائض في المعروض، موضحة أن العقوبات الجديدة على النفط الروسي والاقتصاد الروسي لن تؤثر على الإنتاج بشكل مباشر إلا إذا طال تأثيرها المشترين الرئيسيين مثل الهند والصين، وهو ما قد يستغرق وقتًا قبل أن ينعكس على السوق.
واقع التحول الطاقي ومستقبل الاستثمار
واختتمت نخلة حديثها بالتأكيد على أهمية النظر الواقعي والمتوازن لمستقبل الطاقة، وعدم التركيز على مصدر واحد فقط، مشيرة إلى أن التحول نحو الطاقة المتجددة يجب أن يكون تدريجيًا، مع الحفاظ على دور النفط والغاز في الاقتصاد العالمي. ولفتت إلى أن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهما في تحسين فعالية استخدام الطاقة، لكنه لا يزال هناك طريق طويل للوصول إلى الاستخدام الأمثل لهذه الحلول على نطاق واسع.
الذكاء الاصطناعي يرسم مستقبل مشرق للعالم

