أوضح الخبراء، أن الدراسات الحديثة تتناقض مع المعتقدات السابقة التي كانت تشير إلى أن الاعتدال في شرب الكحول قد يكون له فوائد لصحة القلب. فقد كشفت الأبحاث أن الكحول يرتبط بأكثر من 200 حالة صحية سلبية، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور تيموثي نايمي، مدير المعهد الكندي لأبحاث المواد المخدرة في جامعة فيكتوريا في كولومبيا البريطانية، أن تقليل استهلاك الكحول يعد وسيلة فعالة لتحسين الصحة العامة.
وأشار نايمي إلى أن الكحول يتحلل في الجسم إلى مادة تعرف بالأسيتالديهيد، التي تضر الخلايا وتمنع قدرتها على الإصلاح، مما يهيئ بيئة مواتية لنمو السرطان. وأوضح أن شرب الكحول يزيد من خطر الإصابة بأنواع متعددة من السرطان مثل سرطان القولون والكبد والثدي والفم والحلق.
وأكد نايمي أن اتباع الإرشادات الغذائية الحكومية في الولايات المتحدة، والتي توصي بأن يتناول الرجال مشروبين أو أقل في اليوم، والنساء مشروبا واحدا أو أقل، يمكن أن يمنع آلاف الوفيات سنويا.
وقد اقترحت لجنة استشارية، عمل بها نايمي، تقليص التوصية الأمريكية المتعلقة بشرب الكحول، بحيث لا يتجاوز استهلاك الرجال مشروبا واحدا فقط في اليوم. ولكن هذا الاقتراح قوبل بالرفض عندما تم إصدار التوصيات الفيدرالية في عام 2020.
وفي هذا الصدد، أضاف نايمي: “الرسالة البسيطة والأكثر تأكيدا هي أن التقليل من شرب الكحول أفضل صحيا، إذا كنت تشربه”.
وكان الجراح العام الأمريكي، الدكتور فيفيك مورثي، قد دعا يوم الجمعة إلى تحديث الملصق التحذيري الصحي على المشروبات الكحولية ليشمل تحذيرًا بشأن خطر الإصابة بالسرطان. ولتنفيذ هذه الخطوة، يحتاج الأمر إلى موافقة الكونغرس.
وكتب مورثي على منصة التواصل الاجتماعي “إكس”: “بينما تفكر في ما إذا كنت ستشرب أو مقدار ما ستشرب، تذكر أن الأقل هو الأفضل عندما يتعلق الأمر بمخاطر الإصابة بالسرطان”.
هل الشرب المعتدل صحي؟
توجد دراسات تقارن بين مجموعات من الأشخاص بناءً على كمية استهلاكهم للكحول، وتشير إلى بعض الفوائد المحتملة للاعتدال في الشرب، لكن الطبيب نايمي أشار إلى أن هذه الدراسات لا يمكن الاعتماد عليها بالكامل، حيث يصعب ضمان عشوائية النتائج.
كما أضاف نايمي أن هناك مشكلة أخرى في هذه الدراسات، وهي أن معظمها لم تشمل فئات عمرية أصغر. وأوضح أن نحو نصف الأشخاص الذين يموتون نتيجة أسباب مرتبطة بالكحول يفقدون حياتهم قبل بلوغ سن الـ50 عامًا.
وتوجد دراسات أخرى تناقض الفكرة السائدة حول فوائد الكحول، حيث تقارن بين الأشخاص الذين يحملون متغيرا جينيا يجعل شرب الكحول غير مستحب، والأشخاص الذين لا يحملون هذا المتغير.
يميل الأفراد الذين يمتلكون هذا المتغير الجيني إلى شرب كميات قليلة جدا من الكحول أو تجنب شربه تماما. وأظهرت إحدى الدراسات أن هؤلاء الأشخاص أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب، ما يشكل دحضا إضافيا للفكرة القائلة بأن الكحول يمكن أن يحمي من مشاكل القلب.
التوجه العام الإرشادات
رغم وجود اختلافات على الصعيد العالمي، إلا أن الاتجاه العام يميل إلى تقليص استهلاك الكحول. فقد خفضت المملكة المتحدة وفرنسا، والدنمارك، وهولندا، وأستراليا توصياتها المتعلقة باستهلاك الكحول. كما أعلنت إيرلندا أنها ستبدأ فرض ملصقات تحذيرية من السرطان على مشروبات الكحول اعتبارا من عام 2026.
وأوضحت كارينا فيريرا بورغيس، المستشارة الإقليمية للكحول في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لأوروبا، قائلة: “لقد تغير الإجماع العلمي بسبب الأدلة القوية التي تربط الكحول بأكثر من 200 حالة صحية، بما في ذلك السرطانات وأمراض القلب والأوعية الدموية والإصابات”.
المصادر الإضافية • أ ب