بررت الوكالة قرارها خصوصاً بالإشارة إلى “عجز كبير في الميزانية وتقدّم بسيط” في مجال خفضه، بعد ثلاث سنوات من الإنفاق العام الكبير بهدف الحد من أزمتي كوفيد-19 والتضخم.
لا يتوقع أن يرتب تخفيض وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني درجة فرنسا الجمعة سوى تداعيات فورية قليلة على باريس.
ماذا فعلت وكالة “فيتش” الجمعة؟
على غرار وكالتي التصنيف الرئيسيتين الأخريين موديز وستاندرد آند بورز، يتمثل النشاط الرئيسي لفيتش في تقييم قدرة الدول على سداد ديونها من خلال منحها درجةً تتمثل بحروف.
وتعتبر درجة “إيه إيه إيه” الأفضل (ائتمان بجودة قصوى)، وتُعتبر درجة “سي” أو “دي” الأسوأ (تخلّف عن السداد) بحسب الوكالات.
والجمعة، تم تخفيض تصنيف فرنسا درجة واحدة إلى “ايه ايه سلبي” مقابل “ايه ايه” سابقاً.
وبررت الوكالة قرارها خصوصاً بالإشارة إلى “عجز كبير في الميزانية وتقدّم بسيط” في مجال خفضه، بعد ثلاث سنوات من الإنفاق العام الكبير بهدف الحد من أزمتي كوفيد-19 والتضخم.
واعتبرت وكالة فيتش بمنح الديون الفرنسية درجة “ايه ايه” أنها “ذو جودة جيدة جدًا” وتبقى بشكل عام مرغوبة من المستثمرين وآمنة بالنسبة لهم، ولكنها خفّضتها إلى الدرجة الأخيرة قبل المستوى “إيه” الذي يساوي ائتماناً بـ”جودة جيدة”.
أي سوابق؟
وعلى الرغم من كون تخفيض وكالة فيتش للتصنيف الائتماني لفرنسا الجمعة غير جيد لها طبعاً، إلا أنه يبقى أقل تأثيراً من خسارتها درجة “إيه إيه إيه في مطلع العقد الثاني من القرن الحالي (موديز وستاندرد آند بورز حرمتا باريس من هذه الدرجة في 2012، وفيتش في 2013).
وقالت مؤسِّسة شركة غلوبال سوفيرين أدفايزوري المتخصصة في ديون الدول آن لور كيشيل لوكالة فرانس برس في مطلع آذار/مارس “كانت قفزة في المجهول”. وأضافت “في وقت مماثل، نقول لأنفسنا أن بعض المستثمرين يمكن أن يشاركوا بشكل أقل” في شراء الديون الفرنسية في الأسواق.
وحاليًا، تمنح وكالة ستاندرد آند بورز درجة “إيه إيه” مع نظرة مستقبلية سلبية لفرنسا، بينما منحتها موديز درجة “إيه إيه 2″، مع نظرة مستقبلية مستقرة. وبذلك تكون الوكالتان قد منحتا باريس ثالث أفضل تصنيف ممكن، على أن تُحدّث ستاندرد آند بورز تقييمها في 2 حزيران/يونيو.
أي تداعيات على فرنسا؟
لم يفاجئ خفض التصنيف الائتماني لفرنسا المستثمرين بشكل تام، مع إرفاق وكالة فيتش درجة “إيه إيه” التي تتمتع بها فرنسا بـ”نظرة مستقبلية سلبية”، ما يمهد الطريق لخفض التصنيف.
وطمأن وزير المال الفرنسي برونو لومير السبت مؤكداً لوكالة فرانس برس مجددا رغبة الحكومة في “تمرير إصلاحات هيكلية للبلاد”.
وفي تقييمها اعتبرت “فيتش” أن التوتر الاجتماعي الشديد حول إصلاح نظام التقاعد “يشكل خطرًا على برنامج (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون للإصلاح”.
وأضاف لومير السبت في شأن قضية الديون، “لا تشكوا في تصميمنا الكامل على إعادة الاستقرار إلى الميزانية العامة للبلاد (…) وتسريع خفض الديون، وتقليل العجز وتسريع خفض الإنفاق العام”.
وأكدت آن لور كيشيل أن فرنسا “لم تخسر مستثمرين” بديونها حين خسرت تصنيفها الائتماني “إيه إيه إيه” في 2012-2013. وفي الواقع، خفّضت الوكالات تصنيف دول أوروبية عديدة أخرى، ما خفف من خطورة الوضع بنظر الأسواق.
وقالت كيشيل محذرة “من ناحية أخرى، نعلم أن هناك تقييم أكثر خطورة: فإذا انتقلنا إلى درجة “إيه”، من الممكن أن يتراجع بعض المستثمرين” عن شراء الديون الفرنسية.
فرنسا في الوسط
ومقارنة بكبرى الدول الأوروبية، تُصنف فرنسا بدرجة منخفضة مقابل ألمانيا التي تحظى بدرجة “إيه إيه إيه” بحسب الوكالات الثلاث الرئيسية، ولكن برلين تشكل استثناء.
وتهدد وكالة موديز بخفض تصنيف إيطاليا بمقدار درجة واحدة لتصنّف ديونها في فئة الاستثمارات غير المرغوب بها إلى حد كبير.
وتُصنَّف إسبانيا أيضاً بدرجة منخفضة مقارنة بفرنسا، بخلاف هولندا التي ما زالت تتمتع بأفضل تصنيف ممكن من وكالات موديز وفيتش وستاندرد آند بورز.
وبغض النظر عن تصنيفها، تواجه جميع الدول الأوروبية التحدي عينه منذ العام 2022، وهو ارتفاع أسعار الفائدة، ما يزيد من كلفة الديون السيادية.