ستيفن ميران، عضو مجلس محافظي مجلس الاحتياطي الفيدرالي
يبدو أن أحدث المنضمين إلى مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يحمل وجهة نظر غير تقليدية بشأن الاقتصاد الأميركي، يصعب الاقتناع بها حتى الآن.
ففي سبتمبر الماضي، عيّن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مستشاره الاقتصادي البارز ستيفن ميران لشغل مقعد شاغر مؤقتًا في مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، أحد أبرز الهيئات المؤثرة في السياسة النقدية الأميركية.
ومنذ انضمامه، شارك ميران في اجتماعين للمجلس، وخالف رأي الأغلبية في كليهما.
ففي اجتماع السياسة النقدية الذي عُقد في أكتوبر، عارض ميران قرار خفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة، مؤيدًا خفضًا أكبر بمقدار نصف نقطة، وهو نفس الموقف الذي اتخذه في اجتماع سبتمبر.
ستيفن ميران يلفت الأنظار في أول شهر له كعضو بالفيدرالي
لم يضيع ميران أي وقت في ترك انطباع أولي واضح بطرق أخرى أيضًا، بحسب شبكة سي إن إن الأميركية.
ففي أول شهر له كعضو في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، شارك ستيفن ميران في أكثر من اثني عشر فعالية ومقابلة إعلامية للحديث عن الاقتصاد الأميركي، وهو عدد يفوق بكثير ما يقوم به عادةً مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي في بداياتهم، حيث يكتفون بعدد محدود من المشاركات العامة.
وكما هو الحال مع الرئيس دونالد ترامب، يواصل ميران الدعوة إلى خفض أسعار الفائدة بشكل أكثر جرأة، مؤكداً أن تكاليف الاقتراض تُشكّل ضغطاً أكبر على الاقتصاد مما يعتقده معظم المحللين، وأن هناك موجة “انكماش كبيرة” قادمة — وهي آراء يصفها ميران بأنها “خارج الإجماع السائد”.
وقد كرر ميران موقفه هذا في مقابلة أجراها الأربعاء الماضي مع موقع Yahoo Finance.
لكن مواقف ميران لا تلقى قبولاً واسعاً حتى الآن.
وفي تعليق له على هذه الرؤى الاقتصادية، قال ديفيد سيف، كبير الاقتصاديين للأسواق المتقدمة في شركة نومورا، خلال مقابلة مع شبكة CNN بعد إدارته لحوار مع ميران في واشنطن العاصمة: “لا يمكنني وصف ما يقوله بأنه غير منطقي، بل هو نقاش حول المدخلات التي يستخدمها في نماذجه الاقتصادية، وهي مدخلات مثيرة للجدل.”
وأضاف سيف: “أعتقد أن الزمن وحده سيُثبت ما إذا كان محقاً في رؤيته.”
هل السياسات الاقتصادية لترامب وراء رؤيته؟
يرتكز موقف ستيفن ميران الداعي إلى خفض كبير في أسعار الفائدة على رؤيته لسياسات ترامب الاقتصادية، وتوقعه بأن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب لن تؤدي إلى تضخم.
وفي أول خطاب رئيسي له بعد توليه منصبه كعضو في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، شرح ميران كيف أن سياسات ترامب قد تساهم في خفض “سعر الفائدة المحايد”، وهو المستوى النظري لتكاليف الاقتراض الذي لا يحفّز ولا يبطئ الاقتصاد الأميركي.
وأشار ميران تحديدًا إلى تشديد الإدارة لإجراءات الهجرة، ومشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي أقره الكونغرس في وقت سابق من العام، إلى جانب الرسوم الجمركية الواسعة النطاق التي فرضها ترامب.
وبحسب ميران، فإن ذلك يعني أن الاحتياطي الفيدرالي بحاجة إلى تسريع وتيرة تعديل سياسته النقدية لإعادة أسعار الفائدة إلى المستوى المحايد، مؤكداً أن الوقت عامل حاسم.
وقال ميران في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز نُشرت في الأول من نوفمبر: “إذا استمرت السياسة النقدية بهذا التشدد لفترة طويلة، فإنها قد تتسبب في حدوث ركود اقتصادي بحد ذاتها. لا أرى سببًا لتحمّل هذا الخطر إذا لم يكن هناك قلق من ارتفاع التضخم.”
كما أشار ميران إلى أن سياسات الهجرة وعمليات الترحيل الجماعي الجارية قد تخفف الضغط عن سوق الإسكان، مما يُسهم في خفض أسعار الفائدة ويؤدي إلى “انكماش كبير”. وقد قلّل مرارًا من تأثير الرسوم الجمركية على أسعار المستهلكين.
انتقادات
رغم حصوله على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة هارفارد، لا تزال أفكار ستيفن ميران تلقى بعض الانتقادات، على الرغم من اعتباره اقتصاديًا جادًا في الأوساط الأكاديمية.
ففي الشهر الماضي، وجّه وزير الخزانة الأميركي الأسبق لاري سامرز انتقادًا لخطاب ميران الأول بعد توليه منصبه في الاحتياطي الفيدرالي، قائلاً في تصريح لـ بلومبرغ: “لا أتذكر خطابًا أضعف من الناحية التحليلية أُلقي أمام نادي نيويورك الاقتصادي أو من قبل أحد أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي. إذا كان هذا هو أفضل ما يمكن تقديمه لتبرير الخفض الجذري في أسعار الفائدة الذي يدعو إليه الرئيس ترامب، فإن هذا التبرير أضعف مما كنت أتصور.”
كما عبّر عدد من الاقتصاديين في وول ستريت عن تحفظاتهم تجاه طروحات ميران.
وكتب مايكل فيرولي، كبير الاقتصاديين الأميركيين في بنك JPMorgan، في مذكرة للعملاء أواخر سبتمبر: “نجد أن بعض حججه قابلة للنقاش، وأخرى غير مكتملة، ومعظمها غير مقنع.”

