ارتقى جيامباتيستا فالي Giambattista Valli بمنصة الأزياء الراقية في باريس Paris Couture Week إلى مرتبة أعلى، فبعد تنصيبه “ضابطًا للفنون والآداب” من قِبل الجمهورية الفرنسية، لم يكن عرضه لموسم هوت كوتور خريف وشتاء 2025-2026 مجرد عرض أزياء، بل احتفالًا شامخًا بالأناقة الفرنسية، وتحية مهيبة لروح المرأة الحرة كما يراها فالي: شاعرة، مستقلة، ساحرة، وعابرة للزمن.
في هذا السياق الرمزي والاحتفالي، قدّم فالي عرضًا مبهجًا في مقره الباريسي، احتضن فيهالفخامة الهادئة والنفَس الفني المرهف، مزجًا بين الرقة الباروكية وأناقة القرن الثامن عشر، وبين حساسية القرن الحادي والعشرين وشغفه بالتحرر والجمال المعاصر.
أجواء باروكية ونفَس روكوكو
- في مقرّه الباريسي المزخرف، ازدانت القاعة بعطور الياسمين والورود البيضاء، وتوافدت الحاضرات من أكثر ملهماته إخلاصًا، لتكتمل لوحة العرض بأصواتٍ هامسة وهمسات الحرير. كأن العرض نُظّم في مرج خيالي مزهر، تحفه لوحات “فراغونارد” ورهافة القرن الثامن عشر.
- لم يكن الحضور يشاهدون أزياءً فقط، بل يستنشقون عالمًا من الفانتازيا الحالمة، ألوان البنفسجي الباهت، والمشمشي الهادئ، والوردي الناعم، توزعت على أثوابٍ أشبه بالغيوم، صنعت من التول الخفيف والموسلين والجازار الشفاف، لتجسد الرقة دون أن تفقد حضورها القوي.
هندسة الأنوثة: التوازن بين الخيال والصرامة
- معظم التصاميم جاءت مستوحاة من الزهور النادرة وأجواء حفلات الحدائق الأرستقراطية، أحد أكثر التصاميم بروزًا كان فستانًا شفافًا من الغازار، تعلوه ياقة “كاب” مروحية، تستقر فوق تنورة متعددة الطبقات أشبه بكعكة ميلفوي، لتصبح كل حركة بمثابة رقصة هواء خفي.
- في المقابل، حملت بعض التصاميم صرامة هيكلية تُذكّر بالهندسة المعمارية، كما في فساتين البوستير المنحوتة التي بدت وكأنها توقفت في منتصف حركة راقصة، تجمّد الزمن حول هذه الفساتين التي تحولت إلى منحوتات ملبوسة، تتمايل بين الحسية والرقيّ.
شاهدي أيضاً: مجموعة Giambattista Valli هوت كوتور خريف 2025
امرأة فالي: رومانسية لا تخشى الجرأة
- رغم اللمسات المستوحاة من قرون سابقة، لم تكن مجموعة فالي رجعية، بل قدّمت نموذجًا لامرأة قوية، تعرف هويتها وتُعبّر عنها بأنوثة غير معتذرة، إنها ليست شخصية هامشية في مشهد تاريخي، بل البطلة التي تُعيد كتابة الأسطورة.
- وقد أكد فالي هذا المعنى في تقديمه للمجموعة، حيث أوضح أن الجمال الحقيقي هو ذاك الذي يولد من الحرية الشخصية، من التصالح مع الذات، ومن الجرأة على التعبير عبر التفاصيل، سواء كانت ياقة ضخمة أو تنورة شفافة بطبقات متحركة.
كتيّب صور ثابت في عالم صاخب
- اختلف العرض عن النمط التقليدي لعروض الأزياء، إذ قُدّمت التصاميم على تماثيل عرض، محاطة بتنسيقات زهرية ضخمة على طراز فرساي. هذا الأسلوب أتاح للضيوف التفاعل الحميم مع القطع، وتأمل التفاصيل الدقيقة دون الإيقاع المسرحي المعتاد. وكأن الأزياء تتنفس بهدوء وتُخبر قصصها دون استعجال.
- في هذا الهدوء البصري، برزت الحرفية في أوضح صورها. كل غرزة، وكل طيّة، وكل ظلّ لؤلؤة، كان بمثابة شهادة على الشغف والبراعة الفنية. فالي، الذي لطالما اعتبر الجمال أداة للتواصل، منح جمهوره عرضًا تأمليًا أكثر منه استعراضيًا.
تتويج الذوق الفرنسي وروح باريس
- ما قدّمه جيامباتيستا فالي لم يكن مجرّد مجموعة أزياء، بل كان بمثابة احتفاءٍ حميم بالثقافة الفرنسية التي تبنّته وأكرمته، وبالمدينة التي جعلها موطنًا لذوقه، وأناقةً لعواطفه، ومنصةً لرؤيته. في خضم هذا العرض، بدت باريس نفسها وكأنها تتكلم عبر كل قطعة، من الياقات المزخرفة إلى الطبقات المنسدلة، من الألوان الزهرية الحالمة إلى قصّات البوستير الجريئة.
- فالي، الذي لطالما مزج بين الحنين والحداثة، أعاد تأكيد إيمانه بأن الأزياء ليست أداة زينة فقط، بل لغة ثقافية واجتماعية تعبّر عن مكانة المرأة، وذوقها، وجرأتها في آن. الأنوثة في عالَمه ليست سطحية، بل متجذّرة، قوية، ناعمة، وخارجة من عباية الخيال إلى الضوء.
شاهدي أيضاً: مجموعة Giambattista Valli ربيع 2025 في أسبوع باريس للموضة
الهوت كوتور كحالة شعورية
- بمشهدية تتفادى الضجيج وتعانق العمق، سلّط العرض الضوء على فكرة أن الهوت كوتور ليست صرعة مؤقتة، بل تجربة شعورية تحمل رسائل هوية، وذاكرة، ومكان، كل غرزة تحمل قصة، وكل طيّة تول تحمل نفسًا من الماضي، وكل فستان يتلو ترنيمة للأنوثة الباذخة.
- لم تكن المجموعة تستجدي إعجاب الجمهور، بل كانت تعكس حالة نضجٍ فني، وتجسيدًا لعقود من العمل المتقن والبحث عن الجمال، فالي لم يقدّم عرضًا للعين فقط، بل دعوة للتأمل، للمس، وللتقدير الصامت لما لا يُرى في النظرة الأولى.
توقيع شاعر في دفتر الأناقة
- مع إسدال الستار على المجموعة، لم يبقَ انطباع مجرد عن الأقمشة والألوان، بل إحساسٌ صادق بأن اللحظة كانت فريدة، تجسيدًا لروح فنان قرر أن يحتفل بمسيرته لا بالتكريم فقط، بل بمنح جمهوره لحظة خالدة من الجمال النقي.
- وهكذا، ثبّت جيامباتيستا فالي مكانته، ليس كمصمم أزياء فقط، بل كصانع لحظات، وناسج قصائد على هيئة فساتين، ونحات للضوء على قماش. مجموعة خريف وشتاء 2025-2026 كانت التتويج الحقيقي لصوت فني لا يشبه أحدًا، ولا يتكرر.
عرض تتويج، لا عرض لموسم
- أثبتت مجموعة جيامباتيستا فالي لخريف وشتاء 2025-2026 أن الأزياء الراقية ما زالت تحمل في طياتها إمكانية السرد الشعري، والعاطفة الفنية، والابتكار الخالد. كان العرض بمثابة تحية للمرأة كما يراها فالي، وكما احتفت بها الجمهورية الفرنسية: رمزًا للثقافة والجمال والحرية.
- في هذا الفصل من مسيرته، لم يصنع فالي الفساتين فقط، بل صنع لحظة ثقافية متكاملة. لحظة أُضيئت فيها باريس بتولٍ متطاير، وياسمينٍ متفتّح، وروحٍ إبداعية لا تنحني إلا للخيال.
شاهدي أيضاً: مجموعة Giambattista Valli ريزورت 2025
شاهدي أيضاً: مجموعة Giambattista Valli Pre-Fall لما قبل خريف 2025
شاهدي أيضاً: مجموعة Giambattista Valli هوت كوتور ربيع 2025
شاهدي أيضاً: مجموعة Giambattista Valli خريف وشتاء 2025-2026