تزامناً مع بدء المطاعم بتفكيك تجهيزاتها، كشفت مصادر خاصة لأورينت تفاصيل عن الأسباب التي دفعت حكومة ميليشيا أسد لإصدار قرار سريع بهدم مول big 5 (الخمسة الكبار) في حي الميدان بدمشق.
وقال مصدر مطّلع لأورينت نت، طلب عدم الكشف عن هويته، إن مول الخمسة الكبار مملوك لعضو برلمان أسد بلال النعال المقرّب من فادي صقر قائد ميليشيا الدفاع الوطني بدمشق، أحد المسؤولين عن ارتكاب مجزرة التضامن عام 2013.
وأضاف المصدر أن النعال استغل سلطاته الواسعة وشبكة علاقاته وحصل عام 2018 على ضوء أخضر وموافقات من أعلى المستويات لتحويل بناء في حي الميدان بدمشق إلى مول يُدعى الخمسة الكبار، وذلك كجائزة ترضية تعويضاً له عن إنهاء حكومة أسد عقد استثمار لمول قاسيون وهو مستودع تابع للمؤسسة العامة الاستهلاكية، حصل عليه النعال قبل ذلك بمقابل مبلغ 20 مليون ليرة سنوياً، مستغلاً علاقته الوثيقة ببشر صبان الذي شغل منصب محافظ دمشق من 2006 ولغاية 2018 السنة التي تم فيها افتتاح مول الخمسة الكبار.
وبحسب مصدر أورينت، فقد طالب مكتب أسماء الأسد مؤخراً النعال بتسديد 500 مليار ليرة سورية (حوالي 360 ألف دولار) لطي ملف المخالفات الخاصة بالمول الذي يقتصر عمله على عدد قليل من المطاعم، وهو ما رفضه النعال بعد رفض أصحاب المطاعم تحمّل أعباء المبلغ.
قرار مفاجئ وسريع
وأكد المصدر أن أهالي الحي والأبنية السكنية المجاورة اشتكوا خلال السنوات الماضية مراراً من الروائح الناجمة عن المطعم، إلا أن حكومة أسد لم تُلقِ بالاً لتلك الشكاوى، وفجأة قرّرت هدمه.
ويضم المول مطاعم “فروج الزين” و”بدر خلف” و”جدو أبو عماد” و”فيرمان برغر” و”أوهايو بيتزا”، و”بيت المختار”، “كريسبي ووي” فضلاً عن محلي عصائر وحلويات ملحقين به.
وفي 23 من شهر تشرين الأول الجاري، أصدر محافظ دمشق طارق كريشاني قراراً بطي التسويات التي مُنحت للبناء عام 2018 والتي مكّنت النعال من تحويله إلى مول.
كما نصّ القرار على تكليف مديرة إدارة الخدمات بالمحافظة باستصدار أوامر هدم فوري، وعليه تم توجيه إنذار بإزالة التجهيزات والإشغالات كافة متضمنة الإكساءات الموجودة وذلك في مدة أقصاها 15 يوماً.
تبريرات غريبة
وفيما شاع بين أهالي الحي بأن قرار الهدم مردّه لتشييد البناء دون رخصة، ومن المفترض أن يكون مكانه حديقة وفقاً للمخطط التنظيمي، إلا أن موقع “أثر برس” الموالي نقل عن مصدر بالمحافظة تأكيده أن هدم المجمع ليس بغرض إنشاء حديقة عامة كما جرى تداوله في منصات التواصل الاجتماعي”، مضيفاً أن “التخطيط ما يزال حتى هذه اللحظة باسم مالكي العقار، وحين يتم تنفيذ المخطط الجديد سيكون جزء من العقار حديقةً والجزء الآخر سينضمُ مع عقارات مجاورة”.
بينما نقلت صحيفة الوطن الموالية عن عضو المكتب التنفيذي المكلّف شؤون الخدمات والمرافق البلدية في محافظة دمشق عبد الغني عثمان قوله بأن العقار كان عبارة عن (منزل عربي) لديه ساعة كهرباء، علماً أن التسويات اعتمدت على هذا الأمر، مبيناً إجراء 3 صور جوية للعقار ليتبين وجود مخالفة للمرسوم رقم 40 لعام 2012، وبالتالي لا تنطبق عليه التسوية على الإطلاق.
وأضاف أن : «التسويات الممنوحة عام 2018 لم تكن صحيحة، كما أن العقار لديه تسوية وليس هناك رخصة بني على أساسها، حيث إن الترخيص منح عندما كان العقار عبارة عن منزل عربي، إضافة إلى وجود أعمال ترميم زائدة، ما يعكس وجود مخالفة للتسوية، ولا سيما أن الطابق الخامس من العقار ليس موجوداً بموجبها.
وبحسب عثمان، فقد كان العقار عام 1964 مستملكاً كحديقة للمحافظة، وبعدها عام 1998 استملكته وزارة التربية وفي عام 2005 تحوّل المخطط من مدرسة إلى عقار سكني مؤلف من 6 طوابق، مضيفاً أن هناك لجاناً مختصة على مدار الشهر درست واقع العقار وتم إجراء الصور الجوية، وعليه صدر القرار استناداً إلى وجود مخالفة للمرسوم.
اعتراف ضمني بصحة الترخيص
من جانبها أفادت مديرة دوائر الخدمات في محافظة دمشق ريما جورية أن السبب في صدور قرار الهدم هو وجود مخالفات للتعليمات التنفيذية للمرسوم 40 لعام 2012 على صعيد وجود أعمال ترميم زائدة وتغيير في مواد البناء للمبنى كله، بحيث تم إدخال مواد بناء جديدة، مبينة أن وثيقة التسوية لا تمنحك مواد البناء، ليتبين وجود مواد بناء حديثة ليس لديها إثبات قدم، مضيفة: بناءً عليه صدر قرار المكتب التنفيذي وعليه تم إبلاغ أصحاب العلاقة بمضمونه وإخلاء العقار خلال 15 يوماً.
وفيما يتعلق بالتسوية السابقة بررت جورية بالقول إنه في تلك الفترة لم يطلب إلا وثيقة إثبات قِدَم واحدة، وكانت حينها وجود «ساعة كهرباء» والآن هناك وثائق أخرى تعارض الوثيقة القديمة، مضيفة أن العقار هو بحكم المرخّص وحاصل على الترخيص الإداري، وبناء على قرار المكتب التنفيذي يعتبر الترخيص ملغى.