أعلنت أوغندا عن  نشر قوات خاصة بجنوب السودان، في خطوة تهدف إلى دعم حكومة الرئيس سلفا كير، وسط تصاعد التوترات مع نائبه رياك مشار، ما يهدد بإعادة إشعال الحرب الأهلية في الدولة الواقعة شرق أفريقيا.

اعلان

وأكد المتحدث باسم الجيش الأوغندي، اللواء فليكس كولايجي، أن القوات الأوغندية تمركزت في العاصمة جوبا “لدعم حكومة جنوب السودان” ضد أي تهديدات محتملة، مضيفًا: “لقد أرسلنا قوات إلى المكان منذ يومين”.

وأوضح كولايجي أن الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني قرر نشر القوات في إطار دوره كجهة ضامنة لاتفاق السلام الذي يجمع كير ومشار في حكومة وحدة وطنية هشة. وكان موسيفيني قد تدخل سابقًا في صراعات جنوب السودان لحماية حكم كير، الذي يعد أحد أبرز حلفائه. 

تصاعد التوترات وتفاقم الأزمة السياسية

يأتي نشر القوات الأوغندية في ظل تصاعد العنف وعدم الاستقرار السياسي في جنوب السودان، البلد المنتج للنفط والذي يعاني اضطرابات متكررة منذ استقلاله عن السودان عام 2011. 

وفي ظل هذه التطورات، أمرت الولايات المتحدة موظفيها غير الأساسيين بمغادرة جوبا يوم الأحد، بينما حذرت الأمم المتحدة من “تراجع مقلق قد يقوض سنوات من التقدم الذي تحقق بشق الأنفس” في البلاد. 

وتعود جذور التوترات الأخيرة إلى الاشتباكات في شمال البلاد بين القوات الحكومية وميليشيا متمردة تُعرف باسم “الجيش الأبيض”، والتي يُعتقد على نطاق واسع أنها موالية لمشار. 

وشهد الأسبوع الماضي حادثًا خطيرًا حين قُتل جنرال من جنوب السودان، إلى جانب عدة أشخاص آخرين، بعدما استُهدفت مروحية تابعة للأمم المتحدة أثناء تنفيذها مهمة لإجلاء القوات الحكومية من بلدة الناصر في ولاية أعالي النيل، التي أصبحت ساحة للاشتباكات.

وبعد أيام من هذه الحادثة، اجتاحت ميليشيا “الجيش الأبيض” قاعدة عسكرية في الناصر، ما دفع القوات الحكومية إلى محاصرة منزل مشار في جوبا واعتقال عدد من حلفائه، بمن فيهم نائب قائد الجيش، الجنرال غابرييل دوب لام، الذي يُعرف بولائه لمشار. 

وكانت هذه التوترات قد تصاعدت بشكل أكبر في وقت سابق من العام عندما أقال كير عددًا من المسؤولين المقربين من مشار، والذي وصف هذه القرارات بأنها “انتهاكات مستمرة تهدد اتفاق السلام”. 

وفي أعقاب حادثة المروحية، دعا كير إلى التهدئة، مؤكدًا في بيان رسمي أن حكومته “ستتعامل مع هذه الأزمة وستبقى ملتزمة بطريق السلام”. 

جذور الصراع وتهديدات الحرب الأهلية

بدأت الحرب الأهلية في جنوب السودان عام 2013 بعد تصاعد الخلاف بين كير ومشار إلى نزاع مسلح ذي طابع عرقي. واتهم كير، المنتمي لقبيلة الدينكا، مجموعة من الجنود الموالين لمشار، الذي ينتمي لقبيلة النوير، بمحاولة الانقلاب عليه بالقوة. 

هرب مشار من جوبا حينها، وقادت قواته هجومًا كاد أن يسيطر على العاصمة، قبل أن يتم صده من قبل قوات جنوب السودان الموالية لكير، مدعومة بتدخل عسكري أوغندي. واستمرت الحرب لمدة خمس سنوات، أسفرت عن مقتل أكثر من 400,000 شخص. 

وفي عام 2018، وبدعم من القادة الإقليميين والمجتمع الدولي، وقّع كير ومشار اتفاق سلام أعاد الأخير إلى جوبا كنائب أول للرئيس، لكن الصراع السياسي بين الرجلين ظل يشكل عقبة أمام استقرار البلاد. حيث يشك كير في طموحات مشار السياسية، بينما يصف مشار كير بأنه “ديكتاتور”، ويتهمه بانتهاك اتفاقات وقف إطلاق النار مرارًا وتكرارًا. 

وتواجه حكومة كير ومشار ضغوطًا متزايدة من الولايات المتحدة ودول أخرى للإسراع في تنفيذ اتفاق السلام لعام 2018، والتمهيد لإجراء الانتخابات، التي تأجلت مرارًا، والمقررة حاليًا في عام 2026. 

لكن العديد من التحديات لا تزال قائمة، أبرزها فشل الحكومة في تنفيذ إصلاحات أساسية، كتوحيد قيادة الجيش، ما يهدد فرص تحقيق سلام دائم في جنوب السودان.

شاركها.
Exit mobile version