طرحت إسرائيل مناقصة لبناء 974 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة “إفرات” جنوبي بيت لحم، ما سيؤدي إلى توسيع المستوطنة بنسبة 40% ويزيد من العزل الجغرافي للمدينة الفلسطينية، وفقًا لمنظمة “السلام الآن” المناهضة للاستيطان.
وقالت هاجيت أوفران، المسؤولة عن رصد الاستيطان في المنظمة، إن أعمال البناء قد تبدأ فور انتهاء إجراءات التعاقد وإصدار التراخيص، وهي عملية قد تستغرق ما لا يقل عن عام.
وأكدت أن هذا التوسع ليس مجرد مشروع سكني، بل خطوة تهدف إلى تعزيزالسيطرة الإسرائيلية على المنطقة وفرض وقائع جديدة على الأرض، مما يقوض أي فرصة مستقبلية لحل سياسي للصراع.
تصعيد استيطاني رغم الإدانات الدولية
تواصل إسرائيل سياسات التوسع الاستيطاني رغم الإدانات الدولية، إذ تصف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي المستوطنات بأنها “غير قانونية” وتشكل عقبة أمام حل الدولتين، إلا أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، بغض النظر عن توجهاتها السياسية، قد دعمت هذه المشاريع.
خلال فترة رئاسته السابقة، قدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعماً غير مسبوقللمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. كما استمر البناء الاستيطاني خلال عهد الإدارات الديمقراطية التي انتقدت هذه السياسات لفظياً، إلا أنها لم تتخذ إجراءات فعلية لوقفها.
وتضم الضفة الغربية اليوم أكثر من 100مستوطنة إسرائيلية، تتراوح بين بؤر صغيرة ومجمعات سكنية متكاملة تحتوي على مراكز تجارية وحدائق ومدارس، حيث يعيش فيها أكثر من 500 ألف مستوطن يحملون الجنسية الإسرائيلية، مقابل نحو 3 ملايين فلسطيني يخضعون للسيطرة العسكرية الإسرائيلية، بينما تتولى السلطة الفلسطينية إدارة المراكز السكانية الرئيسية.
سموتريتش: 2025 سيكون عام هدم المنازل الفلسطينية أكثر من بنائها
في سياق متصل، صعّدت الحكومة الإسرائيليةمن خططها لفرض سيطرة أكبر على الأراضي الفلسطينية، إذ أعلن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، زعيم حزب “الصهيونية الدينية” اليميني المتطرف، أن عام 2025 سيكون “الأول منذ 1967 الذي تهدم فيه إسرائيل منازل فلسطينية أكثر مما يتم بناؤه”.
وخلال اجتماع مع وحدة “إنفاذ القانون في الإدارة المدنية”، قال سموتريتش: “نحن نمضي في ذلك بكل قوتنا، بمزيد من عمليات الهدم”.
وأضاف أن الحكومة ستعمل على منع أي بناء فلسطيني جديد وتعزيز سيطرة إسرائيل على الأراضي من خلال تخصيص ميزانية 2025 لزيادة الموارد المخصصة للهدم، بما في ذلك تعزيز القوى العاملة، وشراء معدات جديدة، وتطوير تقنيات متقدمة لمراقبة البناء الفلسطيني.
استهداف المنطقة “ج” وتعزيز السيطرة الإسرائيلية
تركز الدولة العبرية في سياساتها على المنطقة “ج”، التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية وتخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة وفقًا لاتفاقية أوسلو 2 لعام 1995.
وأشارت تقارير للأمم المتحدة أن إسرائيل تمنع الفلسطينيين من البناء أو استصلاح الأراضي في هذه المنطقة إلا بتراخيص تكاد تكون مستحيلة الحصول عليها.
في وقت سابق، نفذت القوات الإسرائيلية عمليات هدم واسعة طالت 10 منازل فلسطينية في ثلاث تجمعات جنوب مدينة الخليل، ضمن تصعيد يشمل اعتقالات واعتداءات متزايدة من قبل المستوطنين والجيش منذ 7 أكتوبر 2023.
وخلال الفترة نفسها، قُتل 910 فلسطينيين في الضفة الغربية، وأصيب نحو 7 آلاف، بينما ارتفع عدد المعتقلين إلى 14,300 فلسطيني، وفقاً لمعطيات فلسطينية رسمية.
التوسع الاستيطاني.. عقبة جديدة أمام الحل السياسي؟
يستمر تصاعد الاستيطان والهدم في وقت تؤكد فيه الحكومة الإسرائيلية رفضها الصريح لإقامة دولة فلسطينية، حيث تسعى تل أبيب إلى فرض وقائع على الأرض تمنع أي إمكانية لانسحاب مستقبلي من الضفة الغربية.
وبحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة للسلطة الفلسطينية، بلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة نهاية عام 2024 نحو 770 ألفًا، موزعين على 180 مستوطنة و256 بؤرة استيطانية، بينها 138 بؤرة رعوية وزراعية.
وفي ظل هذه السياسات، يرى محللون أن الفرص المتبقية لأي حل سياسي تتقلص شيئا فشيئا، حيث يتم تثبيت واقع استيطاني يجعل حل الدولتين شبه مستحيل، ما ينذر بمزيد من التصعيد والمواجهات في الضفة الغربية.