سجلت درجات الحرارة العالمية خلال عامي 2023 و2024 أرقامًا قياسية غير متوقعة، مما أثار تساؤلات كبيرة في الأوساط العلمية حول مدى دقة التوقعات المناخية السابقة، وسط مخاوف متزايدة من أن كوكب الأرض قد يشهد تسارعًا في الاحترار العالمي يفوق التقديرات السابقة.
تشير بيانات الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، و وكالة ناسا، ومرصد كوبرنيكوس لتغير المناخ التابع للاتحاد الأوروبي، إلى أن كوكب الأرض شهد ثاني أعلى درجات حرارة مسجلة لشهر تشرين الأول/ نوفمبر في التاريخ الحديث. واتفق العلماء على أن عام 2024 قد يكون الأكثر حرارة منذ ما يزيد على قرن من الزمان، بل وربما يكون الأشد حرارة منذ 125 ألف سنة.
أرقام مقلقة وتجاوزات مناخية
تُظهر بيانات مرصد كوبرنيكوس أن عام 2024 قد ينتهي بارتفاع درجات الحرارة بمقدار 1.6 درجة مئوية عن متوسط ما قبل الثورة الصناعية، متجاوزًا هدف اتفاقية باريس لعام كامل.
كما تُظهر السجلات أن 16 من آخر 17 شهرًا سجلت درجات حرارة أعلى من هدف 1.5 درجة مئوية، مما يعكس اتجاهًا مقلقًا نحو ارتفاع حرارة الكوكب بوتيرة أسرع من المتوقع.
وسجلت ست قارات أعلى درجات حرارة لها هذا العام، في حين جاءت آسيا في المرتبة الثانية من حيث درجات الحرارة القياسية، وفقًا لبيانات الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA). وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، سَجل ما نسبته 10.6% من مساحة سطح الأرض درجات حرارة شهرية قياسية، متخطية الرقم القياسي السابق المسجل في عام 2023.
ماذا وراء الارتفاع المفاجئ؟
خلال مؤتمر الاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي، ناقش كبار الباحثين الأسباب المحتملة لارتفاع درجات الحرارة في 2023 و2024، بما في ذلك تأثيرات التغيرات في الغيوم ذات المستوى المنخفض، وكذا انخفاض نسبة الكبريت في وقود الشحن البحري بسبب التلوث، فضلًا عن تأثير ظاهرة “النينيو”.
وفي جلسة رئيسية عقدت في 10 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، طلب عالم المناخ في وكالة ناسا، غافين شميدت، من الحاضرين في المؤتمر: التصويت على مدى اعتقادهم بأن “الشذوذ الحراري” أو الطقس المتطرف قد تم تفسيره بالكامل. ولم يرفع سوى عدد قليل أيديهم، بينما أعربت الغالبية عن الاعتقاد بوجود حاجة إلى مزيد من البحث لفهم ما يحدث. وقال شميدت: “هناك شيء ما، يجب تفسيره. ولا يزال هناك عمل يتعين علينا القيام به”.
وتشير هذه التطورات إلى احتمال أن تكون السيناريوهات المناخية، التي تستند إليها خطط الدول للحد من الانبعاثات الكربونية، غير دقيقة. وإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فقد نشهد وصول الكوكب إلى مستويات احترار أعلى وأسرع مما كان متوقعًا، ما يعني مواجهة عواقب بيئية واجتماعية في وقت أقرب بكثير من التقديرات السابقة.