اضطُر تفشي فيروس كورونا السلطات السعودية إلى تقليص أعداد الحجاج بشكل كبير، فشارك 60 ألف مواطن ومقيم في المملكة تم تطعيمهم بالكامل في عام 2021، في مقابل بضعة آلاف في عام 2020.
استعد الليبي السبعيني عبد اللطيف عبد الوهاب لأداء مناسك الحج لأول مرة في 2020، قبل أن يصيبه إحباط كبير مع اقتصار الحج على أعداد محدودة وعدم السماح لمن تجاوز 65 عاما بأداء الفريضة لثلاث سنوات على خلفية تفشي الجائحة.
يشكل من هم فوق الستين عاما نسبة كبيرة من عديد المشاركين في الحجّ الذي يكلّف ما لا يقل عن 5000 دولار للشخص الواحد.
ويبدو للوهلة الأولى أنهم لا يأبهون للصعوبات البدنية المصاحبة للمناسك مثل الزحام الشديد والحر مع بلوغ درجات الحرارة 48 درجة مئوية الثلاثاء.
اضطُر تفشي فيروس كورونا السلطات السعودية إلى تقليص أعداد الحجاج بشكل كبير، فشارك 60 ألف مواطن ومقيم في المملكة تم تطعيمهم بالكامل في عام 2021، في مقابل بضعة آلاف في عام 2020.
ورغم مشاركة 926 ألف حاج العام الماضي، بينهم 781 ألفا أتوا من الخارج، اقتصر الأمر على من هم دون سن الخامسة والستين، على خلفية الجائحة.
وعلى جبل الرحمة في عرفات الثلاثاء، قال الموظف المتقاعد عبد الوهاب (70 عاما) “شعرت بإحباط وحزن شديد”، مثله مثل ملايين المسلمين كبار السن حول العالم. وأعرب الرجل فارع الطول الذي يحج للمرة الأولى هذا العام رفقة زوجته عن سعادته قائلا: “الآن أنا في أشد الفرح”.
ولا يأبه عبداللطيف للحرارة المرتفعة التي أصابته بالإنهاك وجعلته يتصبب عرقا، قائلا إنّه لا يمانع أن يموت أثناء أداء الحج.
في أرجاء مكة المكرمة التي تفيض بمئات الألوف من الحجاج، يمكن مشاهدة رجال ونساء طاعنين في السن على كرسي متحرك أو يسيرون ببطء متكئين على أبنائهم وقد انحنت ظهورهم وحفرت التجاعيد قسماتهم.
في العديد من البلدان الإسلامية، ينتظر أصحاب الدخل المحدود سنوات طويلة، أحيانا حتى الانتهاء من ضغط مصاريف تعليم وتزويج أبنائهم، قبل التخطيط للذهاب للحج.
وهكذا، انتظر الليبي الصافي منصور (71 عاما) الأب لسبعة أبناء سنوات طويلة لتحقيق فائض مالي والتفكير في أداء الفريضة التي هي واجب على كلّ مسلم استطاع إليها سبيلًا.
وقال منصور ذو الشعر الأبيض والنظارة الطبية: “كانت أمنيتي طيلة عمري أن أحظى بفرصة الحج”. ومع تقدمه بالسن وعدم قدرته على المشاركة لثلاث سنوات، قال بنبرة حزينة “شعرت انني قد أموت قبل أن يُكتب لي الحج”.
والثلاثاء، كان منصور بين مئات الألوف في صعيد عرفات يؤدي الركن الأعظم من مناسك الحج. وقال بسعادة غامرة: “اشعر بفرحة كبيرة”، مشيرا إلى أنه يأخذ “احتياطاته الطبية”، وقد أمسك بيده زجاجة مياه باردة، وأكّد أنّه اصطحب كل أدويته معه ويحرص على شرب كميات كافية من الماء.
عيدان
مشاركة عدد كبير من كبار السن يطرح تحديات طبية، خصوصا مع أداء المناسك، والكثير منها في الخارج في درجات حرارة تتجاوز 45 درجة نهارا.
وفيما أعرب العديد منهم عن سعادتهم للحج هذا العام، إلا أنهم أجمعوا على معاناتهم تحت الشمس الحارقة. ومن بينهم مريض القلب المصري شعبان السيسي (67 عاما) الذي لم يمنعه تركيب دعامتين بالقلب عن خوض الرحلة المقدسة رغم شكواه من “هبوط حاد بعد بذل جهد شديد”.
واستعدت السلطات السعودية لذلك، ونشرت فرقا طبية تضم 32 ألف مسعف و190 سيارة إسعاف في منطقة منى وحدها.
ودعت وزارة الصحة الحجاج لاستخدام المظلات خلال النهار كما وجهت إرشادات “لتجنب ضربات الشمس”، من بينها دعوة كبار السن لتجنب أداء المناسك في منتصف النهار.
وأعرب الإندونيسي رحيم، الذي يعرف عن نفسه باسم واحد مثل العديد من مواطني بلاده، عن سعادته للعودة مجددا لأداء الحج للمرة الخامسة، وقال الرجل البالغ 76 عاما: “تحقق حلمي بالحج مرة أخرى قبل أن أموت”.
وإلى جانب الحر الخانق، يشكو الرجل الذي كان يسير مستعينا بعصا من “الزحام الشديد في كل مكان”. وبلغ عدد الحجاج هذا العام نحو مليون و845 ألف حاج وحاجة وفق الهيئة العامة للإحصاء السعودية.
بدأ الحجّاج صباح الأربعاء رمي جمرة العقبة الكبرى في منى قرب مكّة المكرّمة، في أوّل أيّام عيد الأضحى.
وفي إرجاء منى حيث بلغت الحرارة 47 درجة مئوية الاربعاء، شوهد حجاج كبار سن يحاولون المكوث في الظل قدر الإمكان، حتى أنّ بعضهم احتمى من الشمس بأن اندسوا تحت شاحنات متوقفة.
وبالنسبة للمصرية فادية عبدالله (67 عاما) فأن فرحتها هذا العام بالعيد مضاعفة. وقالت الأم المصرية التي ارتدت عباءة بيضاء اللون وهي تحتمي بمظلة خضراء من حرارة الشمس الحارقة: “أعيش لحظة انتظرتها العمر كله”.
وتابعت المرأة التي سقط العديد من أسنانها أنّ “حزني الشديد” بسبب منع من هم فوق 65 عاما من الحج استحال “فرحة تسع الدنيا كلها”، وقالت وهي تجلس رفقة صديقتها قرب جبل الرحمة: “هذا العام العيد عيدان”.