واكتشفت إسرائيل تفاصيل المشروع، الذي كان يهدف إلى بناء سفينة مدنية تجارية كبيرة وتحويلها إلى منصة لتنفيذ العمليات، بعد اختطاف عميل كان الحزب يجهزه ليكون قبطان السفينة.
وقال مسؤولون عسكريون إسرائيليون إن هذا المشروع، الذي لم يكشف عنه من قبل، كان يهدف إلى تنفيذ عمليات استراتيجية كفيلة بقلب موازين الدول.
بداية القصة
بدأت القصة في ليلة 2 نوفمبر 2024، عندما داهم عدد من جنود وحدة “شاييطيت 13” منزلا في مدينة البترون الساحلية اللبنانية، غير بعيد عن الحدود الإسرائيلية، وأخرجوا المسمى عماد أمهز، المعروف باسم “الكابتن”، من منزله، بعد عملية استخباراتية استغرقت ثلاث سنوات.
وتمكن الجيش الإسرائيلي من تحديد أمهز بفضل جهود أ. شابة نحيلة تبلغ من العمر 23 عاما، تعمل محللة في الاستخبارات البحرية الإسرائيلية برتبة رقيب أول.
وتمثلت مهمتها في تتبع الأشخاص الذين قد يشكلون تهديدا للسفن البحرية الإسرائيلية.
وبدأت المحللة مراقبة أمهز البالغ من العمر 39 عاما، والمولود في وادي البقاع، منذ عام 2021، وكان قد انضم إلى حزب الله عام 2004، وشارك في عدة عمليات للحزب، وكان اسم جاريش اسم الحركي.
وخلال عام قضاه في الأسر، كشف أمهز الصورة الكاملة للمشروع، الذي وصفته الصحيفة بأنه “واحد من أكثر عمليات حزب الله سرية وتنظيما وإبداعا وطموحا”.
وعندما سأل المحقق أمهز عمن كان على علم بهذا المشروع، أجاب: “الفريق نفسه، نور الدين، العميل، مالك، الذي كان رئيس مكتب فؤاد شكر رئيس أركان حزب الله الذي اغتيل في يوليو 2024، وفؤاد شكر نفسه، وأبو موسى الذي جاء بعد فؤاد شكر لكنه لم يلبث طويلا. الجميع قد قتلوا ما عدا نور الدين، ولا أعرف ما إذا قتل أيضا أثناء غيابي في لبنان”.
وسأله المحقق هل التقى بمسؤولين كبار مثل فؤاد شكر؟.. فرد: “أول مرة عدنا من الملف طلب الاجتماع بنا… هذا الملف يتعلق بالمجال البحري، يمكن أن تكون عمليات دفاعية أو هجومية. طالما لديك سفينة ومال وأناس، يمكنك العمل ضد أي شيء. إسرائيل هي الهدف الرئيسي”.
وجوابا على ما إذا كان حزب الله سينفذ هجمات ضد أهداف أخرى، أوضح أمهز أن “الحزب يرى الولايات المتحدة كعدو، على سبيل المثال”.
ومنذ اللحظة التي اهتمت فيها المحللة الاستخباراتية بأمهز، اكتشفت أنه كان يجري اجتماعات غامضة مع مسؤولين كبار في حزب الله، كان أحدهم علي عبد الحسن نور الدين، المتزوج من ابنة فؤاد شكر. وكان نور الدين يدير عدة مشاريع سرية لحزب الله بتوجيه من فؤاد شكر والأمين العام حسن نصر الله.
وأثناء الاستجواب، تبين أن أمهز اختير ليكون المحور المركزي في مشروع حزب الله، وفقا للصحيفة.
وقال أدميرال إسرائيلي عن المشروع: “هو مشروع استراتيجي سري للغاية، كان يمكن أن يغير الوضع ضدنا وضد دول أخرى”، مضيفا: “لقد قبضنا على سمكة كبيرة”.
تفاصيل الملف البحري السري
وبدأ الملف البحري السري عام 2016، وكان الهدف من هذا المشروع، وفقا للمعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية، إنشاء سفينة تجارية كبيرة وتجهيزها بعتاد عسكري، من أجل دخول الموانئ دون شبهات، وتنفيذ هجمات من شأنها تغيير ميزان الردع ضد إسرائيل وحلفائها.
وقال الأدميرال ر. أ.: “أخذ منصة مدنية ووضع قدرات هجومية عليها.. فكر في 11 سبتمبر: تأخذ منصة مدنية وتستخدمها لتنفيذ عمل إرهابي استراتيجي. هذا كان الهدف”.
ولأهمية هذا المشروع، كان يدار شخصيا من قبل حسن نصر الله وفؤاد شكر، وانتقلت مفاتيح إدارته إلى زوج ابنة شكر بعد تصفيتها.
وقالت المحللة الإسرائيلية إن نصر الله وشكر اعتبرا المشروع “مفاجأتهما الكبرى”، لذلك أرادا كل شيء بطريقة مركزية جدا.
واكتسب المشروع زخما في عام 2021 بأمر من نصر الله، بعد عدة سنوات من التأخير بسبب المشاكل المالية والمشاكل الداخلية في الحزب.
وكانت الخطوة الأولى هي اختيار قائد السفينة، شخص يمكن إدارة المشروع من خلاله من المنظور البحري.
وكان أمهز هو المختار لهذا الدور، فبدأ الإبحار في الدول الأوروبية والإفريقية، واكتسب خبرة كعامل على السفن التجارية.
وكان الهدف من هذا التكوين تسجيل ساعات بحرية كافية، والترقي في الرتب، وأن يصبح في النهاية قبطانا مدنيا يمكنه قيادة السفينة التجارية بنفسه.
“جنبا إلى جنب مع ساعات الخبرة العملية، درس أيضا النظريات وتقدم فيها. هذا المسار منحه الخبرة التشغيلية والتغطية المدنية، بحيث عندما أصبح قبطانًا معتمدًا لسفينة مدنية، لن يشتبه به أحد، إذ كان يعمل تحت غطاء”، بحسب المحللة.
وعند سؤالها عن الهجمات التي خطط لتنفيذها باستخدام السفينة التي كان من المفترض أن يكون قبطانها، قالت المحللة الاستخباراتية البحرية الإسرائيلية: “لا يمكن إلا أن نتخيل اختطاف سفينة ركاب، أو الهجوم على حقل غاز كاريش، أو غارة بواسطة العشرات من العناصر المسلحة عبر ميناء حيفا أو أشدود”.
وأضافت أنه خلال الاستجواب أصروا على أمهز قائلين له: “هيا أخبرنا بماذا خططتم له”، لكنهم أدركوا لاحقا أن الهدف كان فقط بناء القدرة، مضيفة أن “كل شيء كان مطروحا على الطاولة”.
وفي عام 2024، عاد أمهز إلى لبنان، وفي سبتمبر بدأ دراساته للحصول على شهادة قبطان في معهد العلوم والتكنولوجيا. وبعد سنوات من التحضير، كان من المفترض أن يحصل على شهادة القبطان التي كان يريدها، لكنه لم يستلمها، لأن المخابرات الإسرائيلية وصلت إليه.
تنفيذ عملية الاختطاف
وطرحت فكرة الاختطاف لأول مرة في سبتمبر 2024، وحظيت بموافقة العديد من القادة العسكريين لما قد تكشفه من معلومات استراتيجية حول حزب الله.
واختيرت وحدة “شاييطيت 13” لتنفيذ العملية، استنادا إلى معلومات استخباراتية قدمتها المحللة عن روتين أمهز وتحركاته.
ونفذت العملية بين 1 و2 من نوفمبر 2024، حوالي الساعة 1:00 صباحا. ووفقا لتقارير وسائل الإعلام اللبنانية، شارك في العملية حوالي 50 جنديا، واستغرقت أربع دقائق فقط.
وأظهرت كاميرات مراقبة في المنطقة جنودا إسرائيليين يرتدون زيهم القتالي وهم يقتادون أمهز في أحد الشوارع، ورأسه مغطى بقميص.
وبعد أيام من الاختطاف، كشف تحقيق عسكري لبناني أن البحرية اللبنانية لم تكشف التسلل الإسرائيلي، وأن البحرية الألمانية المكلفة بتأمين المنطقة البحرية تحت ولاية “اليونيفيل” لم تبلغ عن أي حركة مشبوهة خلال الليل.
وفي ذلك الوقت، كان أمهز في عمق الأراضي الإسرائيلية.

