بقلم: يورونيوز
نشرت في
قال قاسم، في الذكرى السنوية الأولى لمقتل مسؤول العلاقات الإعلامية السابق في حزب الله محمد عفيف، إن “القرض الحسن” مؤسسة اجتماعية مفتوحة لكل الناس، معتبراً أنها تشكّل “رئة التنفّس الاجتماعي” في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة. وأضاف أنه لا يوجد أية جهة تمتلك الحق في “منع الخير والمساعدة والتكافل”، موجّهًا نصيحة مباشرة للحكومة وحاكم مصرف لبنان وجميع المعنيين بـ”وقف الإجراءات التي تضييق على حزب الله وكل اللبنانيين”.
ورأى قاسم أنّ هناك “كلامًا كاذبًا ومحاولة لإثارة الفتنة” بهدف وضع لبنان تحت “الوصاية الأمريكية داخليًا وخارجيًا”. وحمّل الولايات المتحدة مسؤولية الانهيار المالي، قائلاً إن “العملة انهارت بسبب أميركا، والبنوك أفلست بسببها، والاقتصاد تضرر بسببها”، متهماً واشنطن بمنع وصول الكهرباء من مصر والأردن وتعطيل مشاريع النفط.
وأضاف: “إذا أردت أن تعرف أكبر المصائب الموجودة في لبنان، فتّش عن أمريكا”، معتبراً ما سمّاه بالوصاية الأمريكية “خطرًا كبيرًا” لا يعمل لصالح استقرار لبنان.
“القرض الحسن” في قلب المواجهة
يأتي موقف قاسم في سياق خلفية سياسية وأمنية بالغة الحساسية، إذ ضمّ الوفد الأمريكي الذي زار بيروت مؤخرًا مسؤولين من الخزانة ومن البيت الأبيض، ونقل إلى المسؤولين اللبنانيين رسالة حاسمة: لم يعد التركيز محصورًا بالشق العسكري، بل باتت الأنظار موجّهة أيضًًا نحو الشبكة الاقتصادية التي يعتمد عليها حزب الله.
فقد شهد الأسبوع الماضي تصعيدًا لافتًا في خطاب واشنطن، مع زيارة وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية جون هيرلي إلى بيروت، حيث قال إن “استعادة الشعب اللبناني لبلده تبدأ بإنهاء النفوذ الإيراني الخبيث عبر حزب الله”، وفق قوله، مؤكدًا أن الإدارة الأمريكية الحالية تمضي في مسار وقف التمويل الإيراني للحزب، ومشيرًا إلى “القرض الحسن” بوصفها “كيانًا مقلقًا”.
ودعا هيرلي إلى ملاحقة كل من يشارك في استخدامها “لتمويل الحزب بما يخالف القوانين اللبنانية والعقوبات الأمريكية”. وكانت الخزانة الأمريكية قد أعلنت قبل أيام فرض عقوبات على ثلاثة أعضاء من حزب الله متهمين بتسهيل نقل “عشرات ملايين الدولارات” من إيران إلى الحزب في عام 2025 عبر مكاتب صيرفة.
قاسم للحكومة: “حاوِلوا قول لا”
قال قاسم إن الحزب يريد للحكومة، التي يُعتبر الحزب جزء منها، أن تنجح في بناء لبنان وحمايته، لكنه يعتبر أنها “تخطئ عندما تسلك طريق التنازلات طمعًا بإنهاء العدوان”. وخاطبها بالقول: “كم مرة جربتم التنازلات وقدمتم العروض المسبقة من طرف واحد ولم تثمر؟”.
ودعا الحكومة إلى اعتماد موقف أكثر صلابة: “حاوِلوا قول كلمة لا على أساس حقوق لبنان، ونكون جميعًا معًا. ولو بقي بعض المتلوثين بالرغبة في السيطرة واتباع الأجنبي، سننجح إذا وقفنا جميعًا”.
اعتداءات إسرائيلية متواصلة
شدّد قاسم على أن الحزب “شريك في هذا البلد”، وله كلمة وازنة ومعه “قسم كبير من الشعب اللبناني والقوى السياسية الحليفة”. وقال إنّ “العدوان هو المشكلة، وليس المقاومة، وليس أركان الدولة اللبنانية، وليس الجيش اللبناني وأداءه”. ودعا إلى الانطلاق من هذا الفهم لتحديد كيفية التصرف.
وأشار إلى أن الاعتداءات التي تطال اليونيفيل والجيش اللبناني والمدنيين “تدلّ بشكل واضح” على أن لبنان يواجه “عدوانًا خطيرًا له امتداداته”، داعيًا إلى مواجهته بكل الأشكال الدبلوماسية والسياسية، وباستخدام “كل الوسائل التي تؤدي إلى وضع حدّ لهذا العدوان”. واعتبر أنّ ما يجري اليوم “ليس مجرد عدم تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، بل هو عدوان موصوف ابتدائي يهدف إلى السيطرة على لبنان وتجريده من قوته”، حسب قوله.
وتتقاطع هذه المواقف مع المشهد الإقليمي الملبّد، فمنذ وقف إطلاق النار الذي أنهى في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الحرب الإسرائيلية على لبنان، تواصل واشنطن الضغط على بيروت لنزع سلاح الحزب، بينما تواصل إسرائيل تنفيذ ضربات تقول إنها تستهدف عناصر لحزب الله.
وفي موازاة ذلك، تتحدث تقارير عن أن الحزب يعمل على إعادة بناء منظومته العسكرية، فيما تتصاعد المخاوف من احتمال اندلاع مواجهة جديدة، في ظل ضغوط دبلوماسية وعسكرية لدفع بيروت نحو مفاوضات مباشرة مع تل أبيب.

