بقلم: يورونيوز
نشرت في
•آخر تحديث
اعلان
هذا الحكم الصادر عن هيئة من خمسة قضاة في المحكمة العليا البرازيلية، والذين وافقوا أيضًا على الحكم، جعل بولسونارو، البالغ من العمر 70 عامًا، أول رئيس سابق في تاريخ البلاد يُدان بتهمة الاعتداء على الديمقراطية، وقد قوبل باستنكار من إدارة ترامب.
وقالت القاضية كارمن لوسيا قبل تصويتها على إدانة أحد أشهر زعماء اليمين المتطرف في العالم: “هذه القضية الجنائية تُشبه التقاء البرازيل بماضيها وحاضرها ومستقبلها”، في إشارة إلى تاريخ البلاد الحافل بالانقلابات العسكرية ومحاولات الإطاحة بالديمقراطية.
جرائم عدة
وأضافت أن هناك أدلةً كافية تثبت أن بولسونارو، الخاضع حاليًا للإقامة الجبرية، تصرّف “بهدف تقويض الديمقراطية والمؤسسات”.
صوّت أربعة من أصل خمسة قضاة على إدانة الزعيم الشعبوي السابق بخمس جرائم: المشاركة في منظمة إجرامية مسلحة؛ ومحاولة إلغاء الديمقراطية بالعنف؛ وتنظيم انقلاب؛ وإتلاف ممتلكات حكومية وأصول ثقافية محمية.
تأتي إدانة بولسونارو وهو نقيب سابق في الجيش لم يُخفِ إعجابه بالديكتاتورية العسكرية التي قتلت مئات البرازيليين بين عامي 1964 و1985، في أعقاب إدانات قانونية لقادة يمينيين متطرفين آخرين هذا العام، بمن فيهم الفرنسية مارين لوبان والفلبيني رودريغو دوتيرتي.
لم يكن الحكم بالإجماع، حيث خالف القاضي لويز فوكس الأربعاء آراء زملائه بتبرئة الرئيس السابق من جميع التهم، وشكك في اختصاص المحكمة للاضطلاع بهذه القضية .
قد يفتح هذا التصويت الواحد الطريق أمام الطعن في الحكم، مما قد يدفع بنهاية المحاكمة إلى موعد قريب من الانتخابات الرئاسية في أكتوبر/ تشرين الأول 2026. وقد صرّح بولسونارو مرارًا وتكرارًا بأنه سيترشح في تلك الانتخابات على الرغم من منعه من الترشح.
صرحت غليسي هوفمان، وزيرة العلاقات المؤسسية في حكومة لولا، بأن إدانة بولسونارو “تضمن عدم تجرؤ أحد مرة أخرى على مهاجمة سيادة القانون أو إرادة الشعب التي عُبر عنها في صناديق الاقتراع”.
انتقاد أمريكي
أثار هذا القرار غضب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حليفِ بولسونارو المقرب، الذي وصف القضية بـ”حملة شعواء”، وردّ على ذلك برفع الرسوم الجمركية على البرازيل، وفرض عقوبات على رئيس المحكمة العليا، وإلغاء تأشيرات معظم القضاة الأعضاء فيها.
وعندما سُئل عن الإدانة، الخميس، أشاد ترامب مجددًا ببولسونارو، واصفًا الحكم بأنه “أمرٌ فظيع” وقال إنه غير سعيد بما جرى.
وأضاف: “أعتقد أنه أمرٌ سيءٌ للغاية بالنسبة للبرازيل”.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو على حسابه عبر موقع “إكس” (تويتر سابقاً) إن المحكمة “حكمت بشكل غير عادل”، متوعّدا: “ستردّ الولايات المتحدة وفقًا لذلك على هذه الحملة الشرسة”.
وبينما كان يتابع إدانة والده من الولايات المتحدة، صرّح عضو الكونغرس البرازيلي إدواردو بولسونارو بأنه يتوقع أن ينظر ترامب في فرض عقوبات إضافية على البرازيل وقضاة محكمتها العليا.
من هو بولسونارو؟
بدأت مسيرته السياسية في ثمانينيات القرن الماضي في مجلس مدينة ريو دي جانيرو بعد مسيرة قصيرة كمظلي في الجيش. ثم خدم لما يقرب من ثلاثة عقود كعضو في الكونغرس عن برازيليا، حيث سرعان ما اشتهر بدفاعه عن سياسات الحقبة الاستبدادية.
في إحدى المقابلات، جادل بأن البرازيل لن تتغير إلا “في اليوم الذي تندلع فيه حرب أهلية هنا ونقوم بالمهمة التي لم يقم بها النظام العسكري: قتل 30 ألف شخص”.
بعد أن رُفض لفترة طويلة باعتباره لاعبًا هامشيًا، حسّن بولسونارو خطابه لاحقًا لتركيزها على قضايا مكافحة الفساد ودعم قيم الأسرة. وقد وجد أرضية خصبة له مع اندلاع الاحتجاجات الجماهيرية في جميع أنحاء البرازيل عامي 2014 و2015 وسط فضيحة الفساد التي تورط فيها مئات السياسيين، بمن فيهم الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي أُلغيت إدانته لاحقًا.
مهّد الغضب المناهض للمؤسسة السياسية الطريق لترشحه الرئاسي الناجح عام 2018، حيث انتُخب العشرات من المشرّعين من تيار المحافظين واليمين المتطرف، وأعادوا تشكيل الكونغرس ليصبح عقبة دائمة أمام أجندة لولا التقدمية.
اتسمت رئاسة بولسونارو بتشكيك شديد في فعالية اللقاحات خلال جائحة كورونا، وتبني التعدين غير القانوني وتربية الماشية في غابات الأمازون المطيرة، حيث ازدادت إزالة الغابات.
ومع خوضه حملة إعادة انتخابية شرسة في عام 2022، والتي فاز بها لولا لاحقًا، اتخذت تعليقات بولسونارو طابعًا دينيا متشددا، مما أثار مخاوف بشأن استعداده لقبول النتائج.
وقال في تصريحات ألقاها في اجتماع للقادة الإنجيليين عام 2021: “لدي ثلاثة بدائل لمستقبلي: الاعتقال، أو القتل، أو النصر”. وأضاف: “لن يهددني أحد على وجه الأرض”.
في عام 2023، منعته المحكمة الانتخابية البرازيلية من تولي المناصب العامة حتى عام 2030 لإدلائه بادعاءات كاذبة حول نظام التصويت الإلكتروني في البرازيل.
كما قضت المحكمة العليا، الخميس، بإدانة سبعة من حلفاء بولسونارو، من بينهم خمسة ضباط في الجيش.
يمثل هذا القرار سابقة إذ أنه أول حكم يقضي بمعاقبة مسؤولين عسكريين لمحاولتهم الإطاحة بالديمقراطية منذ أن أصبحت البرازيل جمهورية قبل قرابة 140 عامًا.