لم يمض يوم على حملة الجيش اللبناني التي اعتقل فيها نحو 200 لاجئ سوري بينهم عائلات بأكملها ونساء وأطفال بهدف ترحيلهم إلى سوريا، حتى كشفت وسائل إعلام عربية أن الأمن اللبناني قام أيضاً باعتقال وتسليم سبعة لاجئين لمخابرات ميليشيا أسد بينهم عنصر منشق عن الجيش (لم يحددوا رتبته).
وبحسب صحيفة “القدس العربي” فقد جرى تسليم المعتقلين عبر معبر المصنع على الحدود السورية اللبنانية، مضيفاً أن اثنين منهم تم اعتقالهما في مطار بيروت أثناء محاولتهما السفر للخارج بعد أن تمكنا من استصدار جواز سفر لهما عقب دخولهما لبنان بشكل غير نظامي.
وأشارت الصحيفة إلى أن المعتقلين ينحدران من بلدة زاكية بريف دمشق الجنوبي وهما مطلوبان للخدمة العسكرية، حيث تم سوقهما لفرع الأمن الجنائي بعد تسليمهما لميليشيا أسد، في حين أن أحد المعتقلين (منشق عن الجيش) وقد تم إيقافهم في حملة مداهمات طالت مناطق زحلة وجبل لبنان.
وبينت الصحيفة وفق شهود أن حملة الاعتقالات تواصلت في منطقة البقاع الغربي،كما إنها تمت دون مراعاة حرمة المنازل وفي وقت متأخر من ساعات الليل، حيث هدف خلالها الجيش لتوقيف السوريين غير المسجّلين لدى مفوضية اللاجئين والذين لا يمتلكون إقامات.
وأضافت أن ما يجري الآن هو استمرار لحملة عنيفة ضد اللاجئين السوريين كان الجيش وقوات الأمن اللبنانية قد بدؤوها منذ مطلع نيسان الماضي، بغية ترحيلهم على الرغم من الدعوات الدولية والانتقادات الحقوقية لمثل تلك الخطوة، فيما أشارت التقديرات إلى أنه تم ترحيل أكثر من 600 لاجئ واعتقال نحو ألف آخرين.
من جهته ذكر مركز “وصول” لحقوق الإنسان أن السوريين في لبنان يتعرضون لحملة “تمييز شرسة” ويجب على مفوضية اللاجئين التدخل ووقف الانتهاكات وعمليات الترحيل القسري الممارسة بحقهم، ولا سيما أنه يحق لهم الحصول على حماية دولية كافية وأخذ المساعدة المناسبة لإعادة بناء حياتهم.
واعتبر المركز أن اللاجئين السوريين بحاجة لدعم المجتمع الدولي وخاصة في هذه الأوقات الحرجة، وعلى المفوضية التحرك العاجل من أجل الحد من تزايد الانتهاكات ضدهم، في وقت تصاعدت فيه تصريحات بعض المسؤولين والأحزاب للمطالبة بترحيلهم بحجج واهية تتعلق بالوضع الاقتصادي اللبناني.
حملة مماثلة
وتأتي الحملة الأخيرة بعد يوم من حملة مماثلة طالت قرابة 200 لاجئ سوري، حيث أكدت مصادر خاصة لأورينت أن قوةً من مخابرات الجيش والجيش اللبناني داهمت قرابة الساعة الخامسة من فجر أمس منطقة المنصورية بقضاء المتن وشنّت عمليات اعتقال واسعة في صفوف اللاجئين السوريين.
وأضافت أن الاعتقالات طالت عوائل بكامل أفرادها بمن في ذلك النساء والأطفال إضافة إلى عشرات الشبان من بينهم مطلوبون أمنياً ومنشقّون ومطلوبون للتجنيد والخدمة الاحتياطية لميليشيا أسد.
وبحسب المصادر، قاربت حصيلة الاعتقالات نحو 200 شخص، صُودرت بعض ممتلكاتهم كالدراجات النارية، ثم تم زجّهم بشاحنات عسكرية ونُقلوا إلى منطقة وادي خالد تمهيداً لتسليمهم لميليشيا أسد على ما يبدو.
بيان إدانة مشترك من 20 منظمة
مداهمات الجيش اللبناني تزامنت مع إصدار 20 منظمة حقوقية من بينها “العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” بياناً دعا السلطات اللبنانية إلى وقف عمليات ترحيل السوريين وحملات الاعتقال والتحريض ضدهم.
وقالت المنظمات في بيانها إنه منذ بداية نيسان الماضي،إن الجيش نفّذ مداهمات تمييزيّة لمنازل يقيم فيها لاجئون سوريون في أحياء كلّ أرجاء لبنان، بما في ذلك جبل لبنان وجونيه وقب إلياس وبرج حمّود، ثمّ رُحّل معظمهم على الفور، رغم أن العديد ممن أعيدوا قسراً مسجّلون أو معروفون لدى “المفوضيّة السامية لشؤون اللاجئين”.
وترافقت عمليّات الترحيل مع إجراءات أخرى ترمي إلى إرغام اللاجئين السوريين على العودة إلى سوريا، حيث فرضت بلديات عدّة في كل أنحاء لبنان إجراءات تمييزيّة ضدّ السوريين، مثل حظر التجوّل للحدّ من تنقلّهم، وتقييد قدرتهم على استئجار المنازل، إضافة إلى ذلك، فرضت بعض السلطات المحليّة على السوريين تزويدها ببياناتهم الشخصيّة، مثل وثائق الهويّة وبطاقات الإقامة وإثبات السكن، وهدّدت بترحيلهم إذا لم يفعلوا ذلك.