بقلم: یورونیوز فارسی
نشرت في
هذا القرار، الذي دخل حيز التنفيذ بعيدا عن أي صخب إعلامي، يتيح للأجانب المقيمين في السعودية شراء الكحول. ويتماشى الإجراء الجديد مع الإصلاحات التي يسعى إليها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للبلاد.
ورغم عدم صدور إعلان رسمي، فقد انتشر خبر بيع المشروبات الكحولية للأجانب من غير المسلمين، وشهد الحي الدبلوماسي بالرياض وجود طوابير طويلة من السيارات والأشخاص أمام متجر لا يحمل أي إشارة لهذا النشاط.
في يناير 2024، فتح المتجر قد فتح أبوابه أمام الدبلوماسيين غير المسلمين. إلا القواعد الجديدة تسمح أيضًا للأجانب غير المسلمين الحاصلين على إقامة مميّزة “Premium Residency” بالشراء من المتجر. تُمنح هذه الإقامة للأجانب ذوي المهارات المتخصصة، وكذلك للمستثمرين ورجال الأعمال.
بعد حظر استمر لأكثر من سبعة عقود، يبرز متجر الرياض كخطوة استكشافيةلتقنين بيع الكحول في السعودية؛ حيث تسعى الرياض، التي تضم أقدس البقاع الإسلامية، إلى تقييم هذه التجربة بأسلوب منظم ومدروس يوازن بين التحوّلات الجديدة ومكانة المملكة باعتبارها بلاد الحرميْن.
منذ تصدّره المشهد في السعودية، أطلق الأمير محمد بن سلمان سلسلة من الإصلاحات الهيكلية والاجتماعية للتقليل من تبعية الرياض للنفط الخام، وتحويل البلاد إلى وجهة سياحية وتجارية عالمية. لكن هذه التحوّلات، التي شملت افتتاح دور السينما، ومنح المرأة حق قيادة السيارة، وتنظيم مهرجانات فنية كبرى، لم تمنع المنظمات الحقوقية من تسليط الضوء على التحديات المتعلقة بحرية التعبير؛ إذ لا تزال القيود السياسية قائمة، وسط تقارير تشير إلى عقوبات مغلظة قد تصل إلى الإعدام في قضايا الرأي السياسية.
يقتصر بيع المشروبات الكحولية في السعودية على متجر وحيد يقع في الحي الدبلوماسي بالرياض، بآلية عمل تشبه السوق الحرة ومعايير أمنية فائقة. المتجر الذي لا يزال مالكه مجهولا، يفرض بروتوكولاً صارماً للخصوصية يشمل حظر استخدام الهواتف الذكية وفحصاً دقيقاً للمقتنيات الشخصية بما فيها النظّارات. وإلى جانب حظر المحلّ دخول عامة الناس، فإن الزوّارغير المسلمين المسموح لهم بارتياده يشكون من ارتفاع الأسعار، مع تباين في المعاملة حيث يُعفى الدبلوماسيون من دفع ضريبة القيمة المضافة على المشروبات الكحولية لكن حاملي الإقامة المميزة ليس لديهم مثل هذا الإعفاء.
ورغم على الرغم من التجهيزات الجيدة لمتجر الرياض، فإن بعض الزوّار أشاروا إلى محدودية الخيارات في أصناف ‘الجعة والنبيذ’
بسبب هذا النقص فإن الكثير من السعوديين الباحثين عن خيارات أوسع يضطرون إلى السفر نحو دولة مجاورة وهي البحرين، حيث يسمح القانون ببيع المشروبات الكحولية للجميع. وتتحول المملكة الصغيرة في عطلات نهاية الأسبوع والمواسم إلى وجهة سياحية نشطة، تستقطب الزوار من مختلف أنحاء الجزيرة العربية ودول الخليج.
وبينما تظل دبي خياراً أكثر تكلفة، يلجأ آخرون إلى السوق السوداء أو المشروبات الكحولية المصنّعة محلياً. وفي المقابل، برزت ثقافة ‘المشروبات الخالية من الكحول’ كظاهرة اجتماعية؛ حيث يحرص الشباب والزوّار في المهرجانات الكبرى على الاصطفاف أمام أكشاك البيرة “الحلال”، ليس فقط لتجربة المذاق، بل لتوثيق تلك اللحظات ومشاركتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي كجزء من محاكاة أجواء الترفيه في العالم.
وكان الملك عبد العزيز آل سعود قد اتخذ قراراً يقضي بإنهاء بيع وتداول المشروبات الكحولية في البلاد مطلع خمسينيات القرن الماضي؛ وهو تحوّل جذري ارتبط بحادثة وقعت عام 1951، حين لقي نائب القنصل البريطاني في جدة حتفه برصاص أحد الأمراء الذي كان وقتها في حالة سكر، ما دفع المملكة منذ ذلك الحين إلى تبني سياسة المنع الشامل.

