محلل الشؤون السورية في سكاي نيوز عربية، علي جمالو، أوضح أن هذه التغييرات “لا يمكن قراءتها كحل نهائي، وإنما كبداية مسار جديد”.
وأضاف في مقابلة مع ستوديو ون مع فضيلة: “المسألة لا تتعلق فقط بتغيير إداري، بل بمدى جدية القضاء في محاسبة المتورطين. اللجنة بدأت توقيف عدد من الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم بحق الأبرياء في السويداء، وهذا مؤشر على تحول نحو التعامل الإيجابي مع الملف”، بحسب تعبيره.
جدل بشأن تقرير “العفو الدولية”
التقرير الحقوقي الأخير سلّط الضوء على انتهاكات قوات حكومية ضد الدروز، لكنه تعرّض أيضاً لانتقادات محلية. جمالو أكد أن “التقرير ركز على جانب محدد، وهو محق في ذلك، لكنه أغفل انتهاكات ارتكبت بحق أطراف أخرى. وهذه نقطة جوهرية يجب الانتباه إليها حتى تكون الصورة كاملة”.
وبينما اعتبر البعض أن التغييرات الأمنية جاءت استجابة مباشرة للتقرير، يرى جمالو أن “القيادة السورية سبق أن اعترفت بوقوع تجاوزات، والرئيس نفسه أقر بارتكابات مدانة أكثر من مرة، ما يعني أن المسألة أعمق من مجرد ضغط خارجي”.
بين الإصلاح والمناورة
في تفسيره لدلالات إبعاد العميد الدالاتي، أوضح جمالو أن “الأمر لا يرتبط بشخص واحد، بل بظروف معقدة وتفلت أمني داخل الفصائل. الدالاتي لم يكن صاحب قرار مطلق، لكن ذلك لا يعفيه من المسؤولية، وقد يخضع للمحاسبة إذا أثبت التحقيق تورطه”.
وأضاف: “نقله إلى ريف دمشق هو سحب من التداول، وليس تبرئة نهائية. وإذا أدانته اللجنة، فسيحال إلى القضاء”، مؤكداً أن التحقيقات الجارية ستكون الفيصل في هذه القضية.
أما عن القائد الجديد، العميد طحّان، فقد شدد المحلل على ضرورة التريث قبل الحكم على أدائه، لافتاً إلى أن “سجله لا يخلو من إشارات مثيرة للجدل، لكن الحكم الحقيقي سيكون من خلال ما سيثبته على الأرض”.
البعد المحلي والدولي
وحول ما إذا كانت هذه الإجراءات تلبي تطلعات أهالي السويداء، قال جمالو: “من المبكر إطلاق الأحكام. علينا الانتظار لمعرفة كيف سيتفاعل المجتمع المحلي مع هذه التغييرات. هناك أيضا مبادرات أهلية غير معلنة تتحرك في الخفاء، وربما يشارك فيها أطراف دولية كالولايات المتحدة، إضافة إلى شخصيات من المجتمع المدني”، مضيفاً أن “هذه التحركات تتقاطع مع القرارات الرسمية، ما قد يفتح الباب أمام معالجة أوسع للأزمة”.
لكن السؤال الأبرز يظل قائما: هل تعكس هذه التغييرات رغبة حقيقية في تغيير النهج الأمني الذي اتبعه النظام السوري لعقود؟
جمالو أجاب بحذر: “نحن أمام تحول بسيط لا أكثر. سحب الدالاتي من السويداء خطوة إيجابية، لكن الأهم هو محاسبة المتورطين من داخل الأجهزة الأمنية والجيش. ذلك سيكون الاختبار الحقيقي لمدى جدية السلطات في فتح صفحة جديدة”، مؤكداً أن القضاء وحده قادر على تحديد ما إذا كانت هذه بداية مسار إصلاحي أم مجرد ذرّ للرماد في العيون.
إن ما يجري في السويداء اليوم لا يمكن فصله عن الضغوط الدولية، ولا عن الحراك المحلي المتصاعد. فالتعيينات الأمنية وحدها لا تكفي لمعالجة جرح عميق سببه سنوات من الانتهاكات والاحتقان. وكما يقول المحلل علي جمالو، فإن “التحقيقات القضائية والشفافية في محاسبة المسؤولين هي ما سيحدد ما إذا كانت هذه التغييرات بداية حل حقيقي للأزمة، أم مجرد محاولة سياسية لإخماد الغضب الشعبي والدولي”.