خطوة تبدو للوهلة الأولى محلية، لكنها سرعان ما كشفت عن تداعيات سياسية وقانونية تتجاوز حدود الولاية، وتمسّ النقاش الفيدرالي المحتدم حول مستقبل التعامل الأميركي مع الجماعة وشبكاتها.
لحظة محورية في المشهد الأميركي
الكاتب والباحث السياسي إيهاب عباس، وفي حديثه لبرنامج رادار على “سكاي نيوز عربية”، وصف القرار بأنه لحظة محورية في المشهد الأميركي، مشددا على أهمية صدوره من ولاية بحجم تكساس.
وقال: “هذه هي أول خطوة سياسية داخل الولايات المتحدة بقرار من مسؤول سياسي… تكساس ليست أي ولاية، هي إحدى أكبر ثلاث ولايات عددا وسكانا وقدرات اقتصادية وسياسية. فأن يخرج منها مثل هذا القرار مهم جدا.”
ويشير عباس إلى أنّ القرار لم يستهدف الإخوان فقط، بل شمل أيضا منظمة كير، التي تحوم حول أنشطتها، وفق تعبيره “شكوك واسعة” تتعلق بطبيعة التبرعات وطرق إنفاقها.
بداية معركة طويلة؟
قرار تكساس رغم طابعه المحلي يأتي، كما يؤكد عباس، في لحظة يتقدم فيها الكونغرس ووزارة الخارجية ووزارة العدل نحو مراجعة شاملة قد تقود إلى تصنيف وطني فيدرالي للجماعة.
وقال عباس: “هذا التصنيف سوف يفتح الباب لكثير من الولايات للنظر في أمر هذه الجماعة، وسيعطي فرصة للحكومة الفيدرالية أن تفعل نفس الشيء، وسينبّه مجلسي النواب والشيوخ، خصوصا مع مشروع تيد كروز لتصنيف الإخوان.”
وتزامن قرار الولاية مع تصريحات فيدرالية سابقة، من بينها إعلان وزير الخارجية الأميركي في أغسطس الماضي أن واشنطن “تدرس رسميا” إدراج الإخوان على قوائم الإرهاب، مع تأكيده أن العملية تمر بإجراءات قانونية دقيقة لتفادي الطعون المحتملة.
ورغم ثقل قرار تكساس، سارعت منظمة كير إلى رفضه، متوعدة باللجوء إلى القضاء لعدم امتلاك الولاية سلطة التصنيف الفيدرالي. لكن عباس يعتبر هذا الموقف امتدادا لنهج يعتمد على استغلال الهامش الديمقراطي الأميركي.
ويقول: “هؤلاء يستغلون الديمقراطية التي يعيشون فيها… يبدأون في تكوين خلاياهم وتنظيماتهم، ويستغلون حالة التصالح التي تعيش فيها الدول الغربية.”
وعند سؤاله عن مدى قدرة خطاب الإسلاموفوبيا على كبح التحرك الأميركي، يوضح: “فكرة الإسلاموفوبيا لن تكون حاضرة بهذه القوة، لكنها ستُستغل بالطبع… كل من يعترض يوصف بأنه ضد الإسلام، بينما الخطاب الحقيقي داخل بعض المساجد مختلف تماماً عن الخطاب الموجّه للإعلام الأميركي.”
ازدواجية الخطاب.. واتهامات بتمدد عابر للحدود
أبرز ما طرحه عباس في تحليله هو ما وصفه بـ”ازدواجية الخطاب” لدى الجماعة ومنظمة كير، مؤكدا: “يقدمون خطابا للغرب على أنهم مسالمون، لكن الخطاب بالعربية والأردو مختلف، ويرتكز على فكرة التمكين والتغلب.”
وأشار إلى أن نشاط الإخوان في الولايات المتحدة ليس محليا فقط، بل “عابر للحدود”، إذ: “يأتي إخوان مسلمون من خارج الولايات المتحدة لحضور مؤتمرات ولقاءات مع سياسيين ومراكز أبحاث، وينقلون صورة مغلوطة تعتمد على المظلومية.”
وكشف عباس أنه خلال عمله في الحكومة الأميركية سابقا، شاهد وجود عناصر مرتبطة بالجماعة داخل بعض المؤسسات: “هناك من كانوا يعملون داخل الإدارة الأميركية… وما زال بعضهم موجودا ويعتقدون بإمكانية تحويل أميركا يوما ما إلى دولة تطبق الشريعة الإسلامية.”
خطوة تكساس.. مقدمة لمرحلة جديدة؟
قرار تكساس يمنع الإخوان وكير من شراء أو تملك الأراضي داخل الولاية، ويسمح بفتح إجراءات قانونية بحق فروعهما، ما يجعله وفق مراقبين أقرب إلى إعلان حرب تنظيمية على أنشطتهم.
وعلى المستوى الفيدرالي، تتصاعد المؤشرات الدالة على أن ملف الجماعة يتجه إلى مرحلة حسم غير مسبوقة، خصوصا مع الدفع الجمهوري المتجدد في الكونغرس ووجود مشروع قانون قائم يدعو إلى التصنيف الرسمي.

