ويأتي القرار الأممي الذي أيده 14 عضواً من أصل 15، مع امتناع الصين عن التصويت، قبيل زيارة مرتقبة للرئيس الشرع إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس دونالد ترامب، في أول لقاء من نوعه بين رئيس سوري ونظيره الأميركي منذ عقود.
رسالة سياسية واضحة
المحلل في الشؤون السورية في سكاي نيوز عربية علي جمالو يرى في هذا القرار “تحولا استراتيجيا يعكس إجماعا دوليا على دور سوريا الجديد ومكانتها في النظام الإقليمي والدولي”، مشيراً إلى أن القرار “لا يقتصر على رفع العقوبات عن شخصين، بل يمثل رسالة سياسية واضحة بفتح صفحة جديدة بين دمشق والعالم”.
وأوضح جمالو أن القرار بحد ذاته يسبب ديناميكية سياسية جديدة قائلا: “نحن أمام إجماع غير مسبوق، 14 دولة بما فيها الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن، قالت نعم لرفع العقوبات، وهذا يعني أن المجتمع الدولي بات يرى في سوريا شريكا لا عبئا”.
وفي سياق متصل، أعلنت الحكومة البريطانية عن رفع العقوبات عن الرئيس الشرع بعد ساعات من القرار الأممي، وهو ما وصفه جمالو بأنه “جزء من الديناميكية التي سيخلقها القرار الأممي، تمهيداً لفتح الأبواب أمام عودة العلاقات الدبلوماسية والقانونية الكاملة مع دمشق”.
الملف الصيني والأميركي
ويرى المحلل أن امتناع الصين عن التصويت يحمل دلالات مهمة، إذ “يعني إعادة تقييم بكين لموقفها من الإدارة السورية الجديدة”، موضحاً أن “الصين تنظر إلى سوريا بوصفها عقدة استراتيجية على طريق الحرير الجديد، وموقعاً محورياً لمشاريعها الاقتصادية الكبرى في المنطقة”.
وأكد جمالو أن الانفتاح الدولي “لن يكون رمزياً فقط”، بل سيُترجم إلى مشاريع اقتصادية وإعادة إعمار واستعادة الدور الإقليمي السوري، خاصة بعد أن “باتت دمشق تتبنى رؤية جديدة في السياسة الخارجية، تسعى من خلالها إلى بناء شراكات متوازنة مع الشرق والغرب والخليج العربي”.
وعن تأثير القرار على الداخل السوري، أشار جمالو إلى أن الحكومة الجديدة تواجه “تحديات كبيرة لاستكمال الصورة المشعة التي ظهرت في مجلس الأمن”، مضيفاً: “الملفات الداخلية كثيرة، من مكافحة الفساد إلى إصلاح المؤسسات، لكن المجتمع الدولي منح هذه الإدارة فرصة لإثبات الجدية في استعادة الاستقرار والسيادة”.
وفيما يتعلق بزيارة الشرع المرتقبة إلى واشنطن، يرى جمالو أن اللقاء المنتظر مع الرئيس ترامب “سيفتح الباب أمام اتفاقيات أمنية واقتصادية قد تشمل التعاون في مكافحة الإرهاب والمخدرات، وربما التفاهم حول تسوية إقليمية تشمل الملف السوري الإسرائيلي”.
واختتم المحلل حديثه بالقول: “سوريا اليوم تعود إلى موقعها الطبيعي في الإقليم والمجتمع الدولي. كل ما سبق كان استثناء فرضه نظام استبدادي، أما الآن فالإدارة الجديدة تحاول أن تعيد البلاد إلى دورها التاريخي كجسر بين الشرق والغرب، وكفاعل أساسي في تحقيق الأمن الإقليمي”.
وبينما تترقب العواصم العالمية نتائج قمة الشرع وترامب المرتقبة، يرى مراقبون أن رفع العقوبات يشكل إشارة لانفتاح دولي متزايد على دمشق، قد يعيد رسم التوازنات السياسية في الشرق الأوسط، ويمنح سوريا فرصة للعودة إلى المسرح الدولي من بوابة الشرعية الأممية.

