وأكدت مصادر أن هذه الإجراءات الأمنية تأتي في إطار رفع مستوى الجهوزية إلى أقصى الحدود تحسبا لأي تحركات ميدانية أو احتجاجات قد ترافق انعقاد الجلسة.
وأشارت مصادر سياسية لموقع “سكاي نيوز عربية” أن “القرار النهائي للوزراء المحسوبين على الثنائي الشيعي سيتحدد وفق أجواء الجلسة هو إما البقاء والمشاركة في النقاش، أو الانسحاب بهدف نزع الميثاقية عنها”.
لوحات ورسائل في قلب العاصمة
وفجر الخميس، استيقظت بيروت على مشهد غير مألوف تمثل في عشرات اللوحات الإعلانية الضخمة والتي تحمل عبارات مؤيدة للجيش والسلطة الشرعية، أبرزها “كلنا معكم” على خلفية صور جمعت رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام.
وبينما توقف بعض المارة لالتقاط الصور، انشغل رواد مقاهي العاصمة بتأويل هذه الرسائل حول هل هي حملة دعائية منظمة أم فعل احتجاجي مقنّع؟.
وبالموازاة مع ذلك، ارتفعت على طول طريق مطار رفيق الحريري الدولي يافطات عملاقة لجنود الجيش اللبناني، كتب عليها “كلنا معكم” بخط عريض، في مشهد اعتبره كثيرون إعلانا صريحا لدعم الجيش في لحظة سياسية حساسة.
واعتبر البعض أن ذلك يمثل رسالة دعم للمؤسسة العسكرية باعتبارها الضامن لوحدة البلاد، فيما رأى آخرون أنها تذكير للحكومة بأن الشارع يراقب ويمنح ثقته لمن يحميه على الأرض.
خلفيات الجلسة
وتأتي الجلسة المنتظرة بعد أزمة الخامس من أغسطس الماضي، حين أقرت الحكومة مبدأ حصر السلاح بيد الدولة، ما أثار اعتراضات واسعة من قوى الممانعة.
ومع تجدد الجدل، تترقب الأوساط السياسية ما إذا كان الوزراء الشيعة سينسحبون من جلسة الجمعة لنزع “الميثاقية”، في ظل توقعات بتصعيد في الشارع إذا ما أقرت الحكومة خطة الجيش.
وقال النائب التغييري ملحم خلف لـ”سكاي نيوز عربية” إن “جلسة مجلس الوزراء المقبلة مدعوة لأن تكون محطة جامعة، يشارك فيها جميع الوزراء بروح من المسؤولية الوطنية”.
وأكد أن الدولة المنشودة لا يمكن أن تقوم إلا من خلال تلاقي القوى السياسية ودعم الجيش والقوى الأمنية. وأضاف: “إلا فإننا سنسير فرادى نحو المجهول”.
“ليلة المسيرات واللافتات”
ووصف المحلل السياسي بشارة خير الله الوضع بـ”ليلة المسيرات واللافتات”، معتبرا أن التحركات الليلية “جزء من التهويل لكنه لن يجدي نفعا”، مؤكدا أن جلسة الجمعة ستعقد حتما، وأن قائد الجيش سيعرض خطة دفاعية على مراحل دون التزام بتوقيت زمني محدد.
وتوقع خير الله أن يبقى الوزراء الشيعة في الجلسة مع بعض التحفظات، مشيرا إلى أن “الجلسة ستمر بلا انسحابات أو استقالات”.
خطة الجيش والتوقعات
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي يوسف دياب لـ”سكاي نيوز عربية” إن “الجيش سيعرض خطة متكاملة لنزع السلاح، تمتد على فترة بين 12 و15 شهرا، تبدأ من بيروت الإدارية ثم بيروت الكبرى، وهو ما لن يرضي حزب الله بأي شكل”.
وأوضح أن الحكومة ستمنح الجيش الصلاحية الكاملة لبدء التنفيذ، معتبرا أن الثنائي الشيعي قد يلجأ للتصعيد في الشارع بعد الجلسة، لكنه يفتقد هذه المرة لحلفاء أقوياء، إذ يقتصر دعمه على حركة أمل ورئيس البرلمان نبيه بري.
وأضاف: “هذه الخطة ستُقرّ من قبل الحكومة رغم أن الجيش يُظهر نوعا من المرونة في تمديد المهلة حتى رأس السنة، وهو أمر لن يرضي الثنائي الشيعي، خاصة وأن الحكومة ستفوض الجيش بالبدء بتنفيذ خطة نزع السلاح”.
وختم دياب بالقول: “الخطة ستُنفّذ على مراحل، تبدأ بـ بيروت الإدارية وربما تشمل لاحقا بيروت الكبرى، وهذا لن يكون مقبولا لدى حزب الله بأي شكل. وتشير المعلومات إلى أن الثنائي الشيعي قد ينسحب من جلسة مجلس الوزراء الجمعة بهدف نزع الميثاقية عن الجلسة”.
وقال: “حتى الآن، هناك محاولة لإقناع الوزير فادي مكي بعدم الحضور لضمان عدم توفر التمثيل الشيعي الكافي، لكن حضور الوزير ياسين جابر ما زال مرجحا، وقد يشارك في النقاش حتى النهاية، دون التصويت لصالح القرار. وهذا الحضور يعني أن الحكومة قد تؤمن الأكثرية اللازمة لإقرار الخطة”.
بيروت تترقب
وتبدو بيروت وكأنها تكتب افتتاحية الجلسة قبل انعقادها: لوحات داعمة للجيش في الوسط وعلى طريق المطار، مسيرات ليلية متوترة في الضاحية، وانتشار عسكري كثيف في شوارع العاصمة، يقابله غموض في الموقف السياسي للوزراء الشيعة.
وبين رسائل الشارع وحسابات القوى، تترقب البلاد ما ستؤول إليه جلسة الجمعة، على أمل أن تحمل معها بداية حسم في ملف السلاح وإعادة تثبيت دور الدولة ومؤسساتها الأمني