يهيمن الرئيس رجب طيب إردوغان وحزبه “العدالة والتنمية” على الحياة السياسية في تركيا منذ عشرين عاماً.
استفادت بعض فئات المجتمع من ذلك، في حين خسر البعض الآخر في بلد مستقطب. فيما يأتي بعض الأمثلة قبل أسبوع من الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي ستجرى في 14 أيار/مايو.
الرابحون من بقاء الرئيس رجب طيب إردوغان وحزبه “العدالة والتنمية”
المتديّنون
تحوّلت إدارة الشؤون الدينية المعروفة باسم “ديانت”، إلى قوة اجتماعية نافذة في ظلّ حكم إردوغان، المسلم المتديّن الذي تحدّى حزبه الإسلامي المحافظ الأسس العلمانية لتركيا ما بعد السلطنة العثمانية. لدى هذه الإدارة قناتها التلفزيونية الخاصة، التي تؤدي دوراً في النقاش السياسي كما تستفيد من ميزانية مماثلة لميزانية وزارة متوسّطة الحجم. وقد جعلتها صلاحياتها الواسعة هدفاً لخصوم الرئيس العلمانيين الذين يشتكون من ارتفاع عدد المساجد ودروس حفظ القرآن وتأثير الأخويات الدينية. ووجد الرئيس السابق لـ”ديانت” محمد غورمز، نفسه متورّطاً في فضيحة بسبب أسلوب حياته الباذخ.
قطاع العقارات والبناء
بقيادة إردوغان، تطوّرت العقارات والمشاريع الكبرى في جميع أنحاء تركيا، ممّا أدى إلى تحفيز النمو. غير أنّ بعض المجموعات ورجال الأعمال الذين يعتبرون مقرّبين من الحكومة مُنحوا عقوداً عامّة مثيرة للجدل. أعادت هذه الطفرة تشكيل البلد، عبر منح مساكن جديدة لملايين الناس بينما عدّلت بشكل كبير صورة مدينة مثل اسطنبول، التي باتت فجأة مليئة بناطحات السحاب. ورافقت طفرة التنمية هذه شهية رئيس الدولة لـ”المشاريع المجنونة” والاستثمارات الضخمة الطموحة بمليارات الدولارات – جسور، طرق سريعة، مطارات… – بما في ذلك قناة اسطنبول، المصمّمة لمضاعفة حجم مضيق البوسفور ولكنّها لم ترَ النور إلى الآن.
النساء المحافظات
دافع إردوغان عن حقوق المسلمين المحافظين بعد عقود من نظام علماني قوي. وهكذا، سُمح بشكل تدريجي للنساء المتديّنات بارتداء الحجاب – الذي كان محظوراً في السابق – في الجامعات والوظائف العامّة والشرطة والبرلمان. والواقع أن رئيس الدولة جعل من الأمر شأناً شخصياً لأنّ ابنتيه، اللتين ترتديان الحجاب مثل والدتهما، “لم يُسمح لهما بارتداء الحجاب” في الجامعة.
الخاسرون؟
الإعلام
شهد المشهد الإعلامي التركي، الذي كان يعتبر مثالا للتعدّدية، تقلّصاً بشكل تدريجي في عهد إردوغان. ويلاحظ المراقبون أنّ 90 في المئة من وسائل الإعلام التركية أصبحت تحت سيطرة الحكومة أو مؤيّديها. فقد فضّل الرئيس المنتهية ولايته أن تُمتلك الصحف والقنوات التلفزيونية من رجال أعمال مقرّبين من السلطة مُنحوا قروضاً عامّة. في موازاة ذلك، بدأ قمع الأصوات المعارضة، خصوصاً تلك الصادرة عن وسائل إعلام كردية، الأمر الذي تعزّز بشكل أكبر بعد الانقلاب الفاشل في العام 2016. ووفق الجمعية التركية “بي 24″، فإنّ 64 صحافياً يقبعون حالياً في السجن.
الجيش
خسر الجيش التركي، العلماني والمعتاد على الانقلابات، تأثيره تدريجاً على الساحة السياسية. وتسارع ذلك بعدما قام فصيل في الجيش بمحاولة انقلاب في العام 2016 نسبت إلى الداعية فتح الله غولن المنفي إلى الولايات المتحدة. ردّ إردوغان على ذلك بعمليات تطهير أدت الى سجن آلاف الجنود – المئات منهم مدى الحياة. كما تمّ التخلّص من العسكريين أصحاب الرتب العليا، ممّا أضعف قدرات القوة الرئيسية في الجناح الشرقي لحلف الناتو. وفقدت القوات الجوية خصوصاً، العديد من طياريها وضبّاطها.
الأكراد
بعدما قمعت الحكومات العلمانية الأكراد، على غرار غالبية الأقليات في تركيا، ساعد هؤلاء في انتخاب إردوغان ودعموه في أيامه الأولى. وحاول رئيس الدولة تعزيز حقوقهم الثقافية واللغوية، وباشر مفاوضات لوضع حدّ للنشاط المسلّح لجزء منهم ومنحهم قدراً أكبر من الحكم الذاتي في الجنوب الشرقي. ولكن بعد فشل هذه المحادثات واندلاع العنف في العامين 2015-2016، وجد المجتمع الكردي (15 إلى 20 مليون شخص) نفسه يخضع لضغوط متزايدة. سُجن عشرات من القادة الأكراد أو عُزلوا من مناصبهم المنتخبين فيها. كما يتعرّض الحزب الرئيسي المؤيّد للأكراد “حزب الشعوب الديمقراطي” الذي سُجن زعيمه، لخطر الحظر مثل أحزاب كثيرة قبله اتُهمت بـ”الإرهاب”.
الطبقة الوسطى
شهدت تركيا طفرة اقتصادية خلال العقد الأول من حكم إردوغان، ممّا أدّى إلى تكوين طبقة وسطى جديدة مزدهرة. لكن منذ العام 2013، ينتقل الاقتصاد من أزمة إلى أخرى. وفقاً للبنك الدولي، فإنّ الناتج المحلّي الإجمالي لتركيا – الذي يعدّ مقياساً لثروة أي بلد – انخفض إلى مستوى السنوات الخمس الأولى لوصول إردوغان إلى الحكم. ومع وصول نسبة التضخّم الرسمية إلى أكثر من 85 في المئة العام الماضي، تبددت مدّخرات ملايين الأُسر، وبالكاد تتمكن عائلات كثيرة من تأمين مصادر إنفاقها حتى نهاية الشهر.