حاولت مجموعة من الدول تقليص عائدات روسيا من تصدير النفط مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية. لكن الحكومات الغربية وخبراء العقوبات يقولون إن موسكو لجأت إلى استخدام ما يسمى بـ”أسطول الظل”، المكون من مئات الناقلات القديمة ذات الملكية غير المؤكدة والصيانة الرديئة، للتغلب على المساعي الغربية.
ماذا نعرف عن أسطول الظل الذي يضمّ ناقلات يمكنها أن تتهرب من العقوبات الغربية، وأن تحافظ على تدفق عائدات النفط في الوقت نفسه؟ ولماذا تشكل قلقا للحكومات الغربية والجماعات البيئية؟
ما هو أسطول الظل؟
يتكون أسطول الظل من ناقلات قديمة تشتريها جهات مجهولة بالرغم من أنها مستعملة، ولها عناوين في دول غير خاضعة للعقوبات مثل الإمارات أو جزر مارشال، وترفع أعلامًا في أماكن مثل الغابون في أفريقيا أو جزر كوك في المحيط الهادىء.
وتملك شركة الشحن الحكومية الروسية سوفكومفلوت (Sovcomflot) بعضا من هذه السفن، بهدف مساعدة مصدّري النفط الروس على التهرب من سقف سعر 60 دولارًا للبرميل الذي فرضه حلفاء أوكرانيا.
ورغم تفاوت التقديرات، إلا أن شركة ستاندرد آند بورز جلوبال (S&P Global) المتخصصة في تقديم خدمات المعلومات المالية، ومعهد كييف للاقتصاد، قالا إن هناك أكثر من 400 سفينة يمكنها نقل النفط، أو المشتقات النفطية مثل وقود الديزل والبنزين.
أسطول الظل هذا ليس غامضا تماما كما يوحي اسمه، فالسفن لا تخفي توقفها في محطات النفط الروسية. كما أن لبعضها صلات مباشرة بروسيا، كما هو الحال مع السفن المملوكة لشركة سوفكومفلوت.
وفي حالات أخرى، يكون المالك الحقيقي مجهولا في الغالب، وتكون معايير السلامة والتأمين التي تتمتع بها السفن غير واضحة. وما يميزها أنها تنقل النفط الروسي خارج نطاق اختصاص دول مجموعة السبع التي تفرض عقوبات.
وحتى الآن، تجنب الكرملين التعليق على التقارير التي تتحدث عن أسطول الظل هذا.
ما هو سقف السعر؟
يهدف سقف السعر إلى الحد من أرباح روسيا، بينما يتم الحفاظ على تدفق النفط إلى الأسواق العالمية، ويتجنب العالم أزمة الطاقة التي من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار البنزين ونسبة التضخم.
وقد دخل الحد الأقصى للسعر حيز التنفيذ في 5 كانون الأول/ ديسمبر 2022، ويتم تطبيقه من خلال منع مقدمي الخدمات مثل شركات التأمين ومدراء الشحن من التعامل مع النفط الذي يزيد سعره عن الحد الأقصى.
وغالبا ما تتخذ هذه الشركات من الدول الغربية مقراً لها، ما يعني أنه يمكن تطبيق العقوبات عليها. كما أن منظمة الملاحة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة تفرض متطلبات شديدة، تنص على ضرورة أن تتمتع السفن بتأمين قوي مالياً، ويتم التدقيق فيه.
وعندما تم فرض الحد الأقصى لأول مرة، تم نقل حوالي 70 بالمئة من النفط الروسي على متن سفن تتمتع بتأمين شبكة من شركات التأمين الصناعية الغربية (IG)، لكن هذه الحصة انخفضت الآن إلى 10 بالمئة، وفقًا لمعهد كييف للاقتصاد.
كيف يتجنب “أسطول الظل” الحد الأقصى للسعر؟
يتم ذلك من خلال شراء سفن مستعملة ومملوكة لجهات غامضة يقع مقرّها في دول مثل الإمارات، وسيشل، والهند، وفيتنام، التي لا تسري العقوبات عليها. كما يستخدم الملاك الجدد شركات تأمين جديدة في روسيا أو غيرها من المواقع خارج نطاق العقوبات الغربية.
ماذا يحصل عند تجاوز الحد الأقصى؟
فرضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على نحو 270 سفينة اعتبرت أنها تتاجر بالنفط الروسي في انتهاك للسقف. وبمجرد قيامهم بذلك، فإن المعاملات المتعقلة بتلك السفينة أو حمولتها، يمكن أن تكون منهكة للعملاء والتجار والبنوك.
والجمعة الماضي، أضافت الولايات المتحدة 183 سفينة فردية إلى قائمة العقوبات، معظمها سفن تنتمي لأسطول الظل، وحظرت الصفقات مع شركتي تأمين روسيتين.
مخاوف بيئية
يبلغ متوسط عمر السفن حوالي 18 عامًا، ما يعني أنها تقترب من نهاية عمرها الافتراضي وهي أكثر عرضة للحوادث، خاصة إذا لم يتم صيانتها جيدًا.
وفي الوقت نفسه، لا يُعرف إن كان بالإمكان الاعتماد على التأمين غير التابع لشركة آي جي (IG) لدفع تكاليف التنظيف الهائلة، في حالة حدوث تسرّب نفطي لساحل في بحر البلطيق أو بحر إيجه أو القنال الإنجليزي، وهي جميع المسالك التي تستخدمها الناقلات التي تحمل النفط من موانئ روسيا إلى العملاء في الصين والهند وتركيا.
ففي أيار/ مايو 2023، توقفت عن العمل محركات ناقلة ظلّ عمرها 18 عامًا، وهي تحمل 340 ألف برميل من المنتجات النفطية الروسية من ميناء فيسوتسك على بحر البلطيق، وكادت تعلق في المياه أثناء مرورها عبر المضيق الدنماركي.
وأصبحت المملكة المتحدة والدنمارك والسويد وبولندا وفنلندا وإستونيا تطلب تفاصيل التأمين من سفن الظل المشتبه بها، ولا يتم إيقاف السفن، ولكن يمكن وضع تلك التي لا تستطيع إثبات تأمينها إلى قوائم العقوبات.
لماذا يعد أسطول الظل عاملاً مهمًا في الحرب ضد أوكرانيا؟
يقول خبراء العقوبات إن التهرب من الحد الأقصى، أدى إلى زيادة السعر الذي تحصل عليه روسيا مقابل نفطها في الأسواق العالمية.
وبلغ متوسط عائدات التصدير 16.4 مليار دولار شهريًا خلال الأشهر الحادية عشرة الأولى من عام 2024، وهو أعلى بنسبة 5 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الذي سبقه، حيث بلغ متوسط بيع النفط الروسي 64 دولارًا للبرميل، وفقًا لمعهد كييف للاقتصاد.
وقد أكسب التهرب من الحد الأقصى روسيا 9.4 مليار دولار إضافية. ويمكن للكرملين أن يستخدم هذه الأموال لدفع ثمن إنتاج الأسلحة والسلع الأخرى للجيش.
المصادر الإضافية • أ ب