بقلم: يورونيوز
نشرت في
اعلان
ووصفت وكالة “أسوشيتد برس” هذا الاتفاق بأنه نتيجة عملية تفاوضية طويلة ومعقدة، لكنه قد لا يكون سوى الخطوة الأولى في طريق مليء بالعقبات. فغزة، التي أنهكتها الحرب، تحتاج اليوم إلى ما هو أبعد من إعادة الإعمار.. تحتاج إلى من يرسم ملامح مستقبلها.
ترامب: “الخطوات الأولى نحو السلام هي الأصعب”
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي لعب دور الوسيط بين إسرائيل وحركة حماس، أعلن خلال قمة في شرم الشيخ أن “الخطوات الأولى نحو السلام هي دائمًا الأصعب”، معتبرًا أن الهدنة تمثل نهاية للحرب وبداية لإعادة إعمار غزة. وقال بثقة إن إعادة البناء “قد تكون الجزء الأسهل” لأن “الأصعب قد أُنجز”.
لكن وكالة “أسوشيتد برس” تنقل عن محللين تحذيرهم من المبالغة في التفاؤل، مشيرين إلى أن الطريق لا يزال مليئًا بالعقبات السياسية والأمنية، وأن ما تحقق حتى الآن ليس سوى بداية هشة لاتفاق يحتاج إلى رعاية مستمرة.
أسئلة أكثر من إجابات
بحسب التقرير، لا تزال تفاصيل كثيرة غامضة: كيف سيتم نزع سلاح حماس؟ متى ستنسحب إسرائيل من القطاع؟ من سيقود القوة الأمنية الجديدة؟ ومن سيضمن التزام الأطراف؟ كما لم يُعرف بعد من سيترأس المجلس الإداري المؤقت لغزة أو أين سيكون مقره، وسط مخاوف من أن يؤدي أي تأخير أو توتر إلى انهيار الاتفاق.
ويرى التقرير أن الحفاظ على هذا الهدوء يتطلب انخراطًا أميركيًا ودوليًا متواصلاً، لأن أي غياب للضغط أو المتابعة قد يعيد المنطقة إلى نقطة الصفر.
تاريخ طويل من الإخفاقات
يشير التقرير إلى أن هذا ليس أول وقف لإطلاق النار منذ اندلاع الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، بل الثالث، بعد محاولتين فاشلتين في تحقيق أي تقدم ملموس. ويضيف أن التحول في مواقف الطرفين بدأ بعد إعادة انتخاب ترامب، الذي استخدم علاقاته مع إسرائيل وبعض الوسطاء العرب لدفع العملية قدمًا.
لكن التجارب السابقة، كما يقول التقرير، تجعل الحذر واجبًا. فمن مؤتمر مدريد عام 1991 إلى اتفاقات أوسلو في التسعينيات، وصولًا إلى جولات التفاوض التي انهارت عام 2014، لم تنجح أي محاولة أميركية في وضع حد دائم للصراع.
نتنياهو بين ضغوط الداخل وتعهدات الخارج
يلفت التقرير إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن التزامه بخطة ترامب لكنه لا يزال يحافظ على خطابه الذي يتعهد فيه بـ”النصر الكامل” على حماس. ومع ذلك، فإن نتنياهو يواجه مأزقًا داخليًا بين حلفائه المتشددين الذين يرفضون إنهاء الحرب، واحتمال انهيار حكومته إذا تراجع عن وعوده قبل الانتخابات المقررة في تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
أما حماس، فرغم ضعفها بعد عامين من القتال، ما زالت تمسك بجزء من السلطة في غزة، ولم تُجبر بعد على التخلي الكامل عن سلاحها أو نفوذها.
إنسان غزة قبل السياسة
يرى التقرير أن التحدي الأكبر الآن إنساني قبل أن يكون سياسيًا. فغزة اليوم منهكة: عشرات الآلاف من القتلى، أكثر من 90 بالمئة من سكانها نازحون، والمستشفيات مدمرة، والمنازل سُويت بالأرض، والجوع ينهش حياة الناس. تقول الباحثة لوسي كورتزر-إلنبوغن إن “كل شيء يجب أن يحدث في وقت واحد، فلا رفاهية للتأجيل”، مشيرة إلى أن إعادة الإعمار وبناء المؤسسات الانتقالية يجب أن يسيرا جنبًا إلى جنب.
ويقدر البنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تكلفة إعادة إعمار القطاع بنحو 53 مليار دولار، فيما يُنتظر من الدول العربية الثرية أن تقدم دعمًا مشروطًا بضمان مسار سياسي يؤدي إلى الاستقرار، لا إلى حرب جديدة.
أمل مشوب بالغموض
ينقل التقرير عن الباحثة منى يعقوبيان قولها إن الاتفاق بدا “غامضًا عمدًا” في ما يتعلق بمسألة الدولة الفلسطينية، بينما تجنب ترامب الحديث عن ذلك مكتفيًا بالقول: “الكثيرون يفضلون حل الدولة الواحدة وآخرون يفضلون حل الدولتين، وسنرى ما سيحدث”.
واختتم التقرير باقتباس من الدبلوماسي الأميركي السابق روبرت وود، الذي رأى أن المرحلة المقبلة “ستتطلب جهدًا هائلًا وانخراطًا دائمًا على أعلى المستويات”، مضيفًا: “إنه يوم جيد، لكن الحرب لم تنته بعد”.