وفي خطوة لافتة، أعلنت وزارة الدفاع الإسبانية الأسبوع الماضي إلغاء صفقة بقيمة 218 مليون دولار مع شركة “رافائيل” الإسرائيلية، لشراء أنظمة توجيه متطورة للقنابل من طراز “لايتنينغ 5”.
وكانت إسبانيا قد ألغت سابقا صفقة صواريخ “سبايك” المضادة للدبابات، بقيمة 272 مليون دولار، من الشركة نفسها.
كما تم إلغاء عقد آخر بقيمة 763 مليون دولار مع شركة “إلبيت سيستمز” الإسرائيلية لتوريد أنظمة صواريخ “بلوس”، وهو ما رفع حجم العقود الملغاة بشكل غير مسبوق.
وفرضت إسبانيا حظرا على تصدير الأسلحة إلى تل أبيب، ومنعت السفن المرتبطة بها من دخول موانئها، وأوقفت تصدير المواد الخام العسكرية.
قلق من تكرار النموذج الإسباني
وأعربت مصادر في الصناعات الدفاعية الإسرائيلية عن خشيتها من أن تحذو دول أوروبية أخرى حذو إسبانيا، مما قد يهدد استقرار صادرات الأسلحة الإسرائيلية التي بلغت رقما قياسيا قدره 14.8 مليار دولار عام 2024، نصفها إلى أوروبا.
وقال مسؤول بارز في القطاع لصحيفة “كالكاليست” الاقتصادية: “الأنظمة مثل صواريخ سبايك يمكن تحويلها إلى مشترين آخرين بسهولة. لكن القلق الحقيقي يتمثل في تجميد العقود الجديدة، الذي إن استمر فقد يؤدي إلى تراجع كبير في الصادرات بحلول عام 2026، وضربة قاسية في 2027”.
وبينما تعتمد إسرائيل على صادراتها الدفاعية في تمويل مشاريع تطويرية حساسة، حذر مسؤول آخر من أن “الاعتماد على وزارة الدفاع وحدها أمر غير واقعي”، مشيرا إلى أن “الضغوط السياسية العالمية تجعل من الصعب على الحلفاء الاستمرار في دعم إسرائيل”.
تحركات لاحتواء العزلة
وفي محاولة لاحتواء تداعيات الأزمة، توجه وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات إلى برلين في “رحلة عاجلة”، سعيا لحشد دعم ألمانيا ضد اقتراح أوروبي لتعليق أجزاء من اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل.
وأجرى الوزير برفقته رئيس اتحاد الصناعيين رون تومر، لقاءات رفيعة مع مسؤولين ألمان، في وقت تعتبر فيه برلين “صوتا مرجحا” في القرار المرتقب للمفوضية الأوروبية.
وقال تومر بعد الزيارة: “تلقينا رسالة مشجعة مفادها أن ألمانيا لن تدعم فرض قيود تجارية، لكن الأوضاع السياسية هناك معقدة”.
وفي استطلاع أجرته جمعية المصنعين الإسرائيليين، قال 50 بالمئة من المصدرين إنهم واجهوا إلغاء أو عدم تجديد لعقودهم مع شركاء أجانب، وأفاد 70 بالمئة أن الأسباب كانت سياسية، في حين ذكر 38 بالمئة أنها تعود لصعوبات لوجستية، و29 بالمئة ترجع لتأخيرات جمركية عالمية.
أزمة “مايكروسوفت”
وفي تطور يزيد من تعقيد الأزمة، أكدت شركة التكنولوجيا “مايكروسوفت” أنها حجبت خدمات التخزين السحابي وأدوات الذكاء الاصطناعي عن وحدة 8200 التابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، بعد تحقيق كشف عن استخدامها خوادم “أزور” لتخزين وتحليل مكالمات تم اعتراضها من فلسطينيين في غزة والضفة الغربية المحتلة.
وقالت الشركة إن القرار جاء بعد مراجعة داخلية تهدف إلى منع استخدام تقنياتها في “المراقبة الجماعية للمدنيين”، وسط احتجاجات متصاعدة من موظفيها ضد العلاقة مع إسرائيل.
ورغم تأكيد مسؤولين أمنيين إسرائيليين أن القرار لم يؤثر على القدرات العملياتية للجيش، فإن الخطوة تعكس تحولا دوليا متسارعا في موقف شركات التكنولوجيا الكبرى من العلاقة مع إسرائيل، وسط تنامي الضغوط الحقوقية والسياسية.