نقلت شبكة CNN شهادات عن ناجين من قارب الموت الذي غرق في 14 حزيران/ يونيو الحالي قبالة سواحل اليونان وكان على متنه 750 مهاجراً معظمهم من سوريا ومصر وباكستان، ما أسفر عن مقتل العشرات، فيما سُجل المئات في عداد المفقودين.
تفرق الإخوة وأبناء العمومة
وبحسب تحقيق أعدته الشبكة فإن شهادات الناجين وأقاربهم تشكك في رواية خفر السواحل اليوناني للأحداث، ما يشير إلى أنه كان من الممكن إنقاذ المزيد من الأرواح، وربما يشيرون إلى خطأ من جانب السلطات اليونانية.
ووصف “رامي” وهو أحد الناجين السوريين كيف اقتربت سفينة حرس السواحل اليونانية من القارب عدة مرات في محاولة لربط حبل لسحبه، موضحاً أنه “في المرة الثالثة التي سحبونا فيها، تمايل القارب إلى اليمين وكان الجميع يصرخون، وبدأ الناس يسقطون في البحر، وانقلب القارب ولم يعد أحد يرى أحداً.. تفرق الإخوة وأبناء العمومة”.
فيما قال “مصطفى”، وهو أيضاً من الناجين السوريين، إن مناورة خفر السواحل هي التي تسببت في الكارثة. وأضاف: “سحبنا القبطان اليوناني بسرعة كبيرة، لقد كان سريعاً للغاية، ما تسبب في غرق قاربنا”.
ونفى خفر السواحل اليوناني مراراً محاولة جر القارب. وما زال التحقيق الرسمي في سبب المأساة جارياً، وقال المتحدث باسمه نيكوس أليكسيو للشبكة: “عندما انقلب القارب، لم نكن حتى بجواره، زاعماً أن خفر السواحل كانوا “يراقبون من مسافة قريبة” وأن “التحول في الوزن ربما بسبب الذعر” تسبب في انقلاب القارب.
خفر السواحل تأخّر 13 ساعة
وبحسب ما ذكر “رامي ومصطفى” للشبكة، فإن الظروف على متن القارب تدهورت بسرعة بعد انطلاقه من طبرق في ليبيا باتجاه إيطاليا، وقال رامي: “كان الناس يموتون ويغمى عليهم.. استخدمنا حبلًا لغمس الملابس في البحر لنستخدمها برش المياه على الأشخاص الذين فقدوا الوعي”.
ووفق التحقيق، تشير بيانات حركة المرور البحرية أن السلطات اليونانية كانت على علم بالقارب المنكوب لمدة 13 ساعة على الأقل قبل أن يغرق في نهاية المطاف.
وادّعى خفر السواحل اليوناني أن المهاجرين على متن القارب رفضوا الإنقاذ وأصروا على رغبتهم في مواصلة رحلتهم إلى إيطاليا. لكن ناجين وأقارب ونشطاء قالوا إنهم طلبوا المساعدة عدة مرات.
وتحدث “مصطفى” عن حالة من الفوضى على القارب قبل غرقه بيوم، وذلك بعد اقتراب سفينتين تجاريتين من القارب وإلقائهما مساعدات، موضحاً أن المعارك اندلعت على الطعام والمياه، وبدأ المهاجرون بالصراخ، ولولا وجود أشخاص عملوا على تهدئة الآخرين لكان القارب على وشك الغرق عدة مرات.
“لو تركونا، لما غرقنا”
وذكر التحقيق أن 6 أشخاص توفوا على القارب قبل غرقه، وكانت آخر مكالمة صادرة من القارب بحوالي الساعة 1:45 فجراً، ثم بدأ بالغرق حوالي الساعة الثانية.
وقال المبعوث الخاص لمفوضية اللاجئين لمنطقة وسط البحر الأبيض المتوسط فينسينت كوشيتيل للشبكة: “كان القارب مكتظًا، ولم يكن صالحاً للإبحار، وكان يجب إنقاذه.. كانت هناك مسؤولية للسلطات اليونانية لتنسيق عمليات الإنقاذ لإحضار هؤلاء الأشخاص بأمان إلى بر الأمان”.
ويقول كل من مصطفى ورامي إنهما يتمنَّيان لو لم يسبق لهما القيام بالرحلة، على الرغم من حقيقة أنهما موجودان الآن في أوروبا وقادران على طلب اللجوء.
والأهم من ذلك كله، كما يقول مصطفى، إنه يتمنى لو لم يقترب خفر السواحل اليوناني من قاربهم مطلقاً: “لو تركونا، لما غرقنا”.