بقلم: يورونيوز
نشرت في
في حديثه لـ”CNBC عربية”، قال ماكرون إن الوضع في لبنان هش للغاية، وإن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة. وأشاد بالخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهوريّة جوزاف عون الجمعة، معتبرًا أنه عبّر عن ضرورة التعامل بحزم وفعالية مع “حزب الله”.
وأشار إلى أهميّّة تنفيذ الخطة الرامية بوضوح إلى استعادة السيادة اللّبنانيّة في الجنوب، ومكافحة “الجماعات الإرهابية” بشكل فعال. وأوضح أن الالتزامات التي أعلنها الرئيس عون “مهمة للغاية”، وأن فرنسا ستتابع تنفيذها.
وأضاف ماكرون أنّ بلاده تعمل الآن بالتنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة الأمريكية ضمن آليّة مشتركة، وفي حوار مباشر مع إسرائيل، آخذاً بالاعتبار أن الوضع الأمني يتأثر بوضوح.
وقال: “نريد تنفيذ هذه الآلية خطوة بخطوة لاستعادة سيادة لبنان، وتمكين القوات المسلّحة اللبنانية من الانتشار في الجنوب، مع الانسحاب التدريجي للقوات الإسرائيلية”.
وكشف أنّ باريس ستنظّم مؤتمرًا لدعم تعافي لبنان، فيما ستتولّى السعودية تنظيم مؤتمر لتمويل القوات المسلحة اللبنانية بالتنسيق الوثيق مع فرنسا، معتبرًا أن “هذين الركنين أساسيّان لتحقيق نتائج ملموسة على الأرض”.
مخاوف من انهيار التهدئة
تأتي مواقف ماكرون في ظل تصعيد إسرائيلي متواصل، حيث تزعم إسرائيل أنها تستهدف ما تصفه بـ”بنى تحتية عسكرية تابعة لحزب الله”، بينما تتهم السلطات اللبنانية تل أبيب بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر بشكل شبه يومي.
وتقول قوّات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “اليونيفيل” إنها رصدت منذ الاتفاق أكثر من 7300 انتهاك جوي إسرائيلي، إضافة إلى ما يزيد عن 2400 نشاط عسكري شمالي الخط الأزرق.
وهذا التصعيد يثير مخاوف جدية من حرب جديدة قد تكون أقسى من تلك التي وقعت في أيلول الماضي، خاصة مع رفض الحزب تسليم سلاحه، وانتقادات أمريكية لأداء الجيش اللبناني وقائده رودولف هيكل. فقد سبق لعضوين في مجلس الشيوخ الأمريكي أن شنا هجومًا حادًا على هيكل، معتبرين أن “تعامله مع إسرائيل كعدو، وجهوده الضعيفة، التي تكاد تكون معدومة، لنزع سلاح حزب الله، تمثل انتكاسة كبيرة للجهود الرامية إلى دفع لبنان للأمام”.
ومؤخرًا، قال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام إن بلاده جاهزة للتفاوض مع إسرائيل وستسعى للحصول على دعم الولايات المتحدة لدفع العملية قدمًا، إلا أن الدولة العبرية رفضت ذلك.
وأوضح سلام أنّه كرّر عرض الاستعداد للتفاوض، مذكّرًا بأن واشنطن لعبت دور الوساطة في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية عام 2022، لكنه أشار إلى أن الدعوات الحالية لم تلقَ أي تجاوب من تل أبيب. وقال: “هذا لغز بالنسبة لي. يطلبون التفاوض، وعندما نظهر الاستعداد لا يوافقون على اللقاء. سأطرح الأمر مع الأمريكيين”.
استفزازات إسرائيلية
على خط موازٍ، بدأت إسرائيل بناء جدار إسمنتي تجاوز في عدّة نقاط الخطّ الأزرق، ما أثار اعتراضًا لبنانيًا واسعًا واعتُبر تعدّيًا مباشرًا على الحدود. وطلب الرئيس اللبناني جوزيف عون من وزير الخارجية العمل على تقديم شكوى إلى اليونيفيل بشأن الجدار الذي شُيّد داخل بلدة يارون اللبنانية.
وفي بيانها، قالت “اليونيفيل” إن الجدار تجاوز خط الحدود، ما جعل أكثر من 4 آلاف متر مربع من الأراضي اللبنانية “بات الدخول إليها متعذّرًا على اللبنانيين”، مطالبةً إسرائيل بإزالته لأنه ينتهك قرار مجلس الأمن 1701.
ورد الجيش الإسرائيلي بزعم أن ما يقوم به جزء من خطة لتعزيز الدفاعات، مدّعيًا أن السياج لا يتجاوز “الخط الأزرق” المرسوم من قِبل الأمم المتحدة والمراقب من قِبل اليونيفيل.
وبذلك، تتكثف الضغوط على الواقع اللبناني الهش، فيما يقف البلد أمام مرحلة دقيقة تتداخل فيها المعطيات الأمنية والسياسية والدبلوماسية، في انتظار ما ستتمخّض عنه الأسابيع المقبلة التي وصفها ماكرون بـ”الحاسمة”.

