كشف تقرير أصدره “المعهد الملكي للخدمات الموحّدة” قيام روسيا بالتحايل على اتفاقية “مونترو” المتعلّقة بمضيقي البوسفور والدردنيل التركيّين، وقيامها بنقل أسلحة من عتادها الموجود في سوريا عبر ما يسمى بـ”سفن الأشباح” في إطار غزوها لأوكرانيا، وذلك بينما ينشغل العالم بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وأوضح التقرير الذي صدر في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كيف أن روسيا تتحدى العقوبات الغربية وتلعب “لعبة القط والفأر” مع الأوكرانيين في البحر الأسود، خلال الأشهر الماضية، حيث لجأت لنقل قسم من عتادها الحربي في سوريا إلى موانئها لزجه لاحقاً في جبهات القتال مع أوكرانيا.
نقل أسلحة من سوريا
وقال خبراء إن السفن المدنية الروسية، المتهمة بنقل الأسلحة من سوريا، تضطر إلى القيام بعمليات مراوغة متزايدة بسبب هجمات المسيّرات الأوكرانية التي تجبر السفن المدنية على محاولة إخفاء مواقعها.
وذكر التقرير الذي حمل عنوان “السفينة الشبح – الأسطول البحري الروسي السري” أن الأسطول الروسي الذي يضم مجموعة واسعة من السفن، تمكن من نقل عتاد حربي عبر المضائق التركية، دون أن يتم اكتشاف أمره.
وكان من بين سفن الأسطول تلك، السفينة الروسية SPARTA IV، المعلن عنها كسفينة تجارية، حيث نقلت معدات عسكرية طيلة الفترات الماضية بين مينائي نوفوروسيسك الروسي وطرطوس السوري.
وتظهر صور الأقمار الصناعية الصادرة عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية أنه يتم تحميل عدد كبير من قطع المدفعية على السفينة عند رسوها في طرطوس.
تهديد الأسطول الروسي
وقال نيك لوكستون، أحد مؤلفي التقرير، لصحيفة ذا ناشيونال، إن قيام السفينة بإيقاف تشغيل جهاز الإرسال والاستقبال الخاص بها قبل دخولها المياه السورية ورسوها في القاعدة البحرية في طرطوس “كان مؤشراً واضحاً إلى حد ما على أنها كانت تنقل أسلحة روسية إلى سوريا لدعم نظام الأسد وحربه الوحشية”.
وأضاف: “من المرجح أن الطلب الروسي على المعدات العسكرية في أوكرانيا يستلزم سحب بعض المعدات من سوريا”.
ولفت لوكستون إلى أن هناك قلقاً روسيّاً من استهداف أوكرانيا للسفينة في المناطق التي لا تستطيع فيها توفير مرافقة عسكرية، موضحاً أن قدرة أوكرانيا على تطوير طائرات بحرية بدون طيار رخيصة الثمن تعني أنها الآن “تتحدى التفوق الروسي في مسرح البحر الأسود”.
تهرّب من العقوبات
وقال جاك كروفورد، المؤلف المشارك للتقرير، وهو باحث في الاستخبارات والتحليل مفتوح المصدر في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن التدقيق الأكبر في النشاط الروسي، بما في ذلك SPARTA IV (سبارتا 4) والسفن الشقيقة، أدى إلى تغييرات في سلوك تلك السفن.
وأضاف: “من المهم للغاية بالنسبة للمجتمع الدولي، وخاصة حلفاء أوكرانيا، أن يتعاونوا في إدانة هذا السلوك ودعم الجهود الدبلوماسية لمعالجة حالة أخرى من تجاهل روسيا للقانون الدولي”.
وقال: “يبدو أنه كان من الأسهل على هذه السفن أن تفلت من هذا السلوك غير المشروع قبل أن يبدأ الناس في النظر في ما يحدث والحديث عنه، ولكن من الواضح الآن أن هذا بدأ يتغيّر”.
وتطرّق إلى أن روسيا والدول الأخرى التي خضعت للعقوبات تتشارك في أساليب التهرب ذاتها، وقال: “عندما يتعلق الأمر بكوريا الشمالية وإيران وروسيا، غالباً ما تكون هناك أنماط سلوك مشتركة عندما يتعلق الأمر بالتهرب من العقوبات”.
ويطلق اسم “سفن الأشباح” على تلك السفن لأنها توقف تشغيل أجهزة الإرسال الخاصة بها، وتوصف بأنها السفن المنكوبة والغارقة أو شبه الغارقة، وقد لجأت إليها روسيا بشكل كبير مؤخراً للتهرب من العقوبات الغربية.
اتفاقية مونترو
تم توقيع اتفاقية مونترو في سويسرا، ودخلت حيّز التنفيذ يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني 1936، بتوافق بين كلّ من تركيا وبريطانيا وفرنسا واليونان وبلغاريا ورومانيا ويوغسلافيا واليابان وأستراليا والاتحاد السوفيتي.
وتتكوّن الاتفاقية من 29 بنداً، وهي تُعدّ وثيقة دولية تنظّم حركة المرور عبر مضائق البحر الأسود -البوسفور والدردنيل اللذينِ يربطان البحر الأسود بالبحر الأبيض المتوسط- للسفن التجارية في أوقات السلم والحرب.
وتسمح الاتفاقية بمرور السفن الحربية لدول حوض البحر الأسود بشرطين: الأول “إعلام تركيا بموعد مرور سفنها عبر المضائق”، والثاني “ألا يزيد عدد السفن المارّة في وقت واحد على 9 سفن، ولا تزيد حمولتها مجتمعةً على 15 ألف طن”.
ويأتي التحايل على الاتفاقية في وقت ينشغل فيه العالم منذ حوالي شهر بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث شنّ الجيش الإسرائيلي ما يزيد عن 12 ألف غارة على القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي، ما تسبب بمقتل وإصابة أكثر من 40 ألف فلسطيني حتى الآن.